فوثب رجل من بني نصر بن
معاوية، يقال له الأحمر [1] بن مازن بن أوس بن النابغة، فضربه بالسيف على ركبته،
فأندرها [2]، ثم قال: خذها إليك أيها المخندف، و هو ماسك [3] سيفه، و قام أيضا رجل
من هوازن، فقال:
ثم كان اليوم الثاني من
أيام الفجار الأول، و كان السبب في ذلك أن شبابا من قريش و بني كنانة كانوا ذوي
غرام، فرأوا امرأة من بني عامر جميلة و سيمة، و هي جالسة بسوق عكاظ في درع و هي
فضل [6] عليها برقع لها، و قد اكتنفها شباب من العرب، و هي تحدثهم، فجاء الشباب من
بني كنانة و قريش، فأطافوا بها، و سألوها أن تسفر، فأبت، فقام أحدهم، فجلس خلفها،
و حل طرف ردائها [7]، و شدّه إلى فوق/ حجزتها [8] بشوكة، و هي لا تعلم، فلما قامت
انكشف درعها عن دبرها، فضحكوا، و قالوا: منعتنا النظر إلى وجهك، وجدت لنا بالنظر
إلى دبرك، فنادت: يا آل عامر! فثاروا، و حملوا السلاح، و حملته كنانة، و اقتتلوا
قتالا شديدا، و وقعت بينهم دماء، فتوسط حرب بن أمية، و احتمل دماء القوم، و أرضى
بني عامر من مثلة [9] صاحبتهم.
اليوم الثالث من أيام
الفجار الأول
ثم كان اليوم الثالث من
الفجار الأول، و كان سببه أنّه كان لرجل من بني جشم بن بكر بن هوازن دين على رجل
من بني كنانة فلواه [10] به، و طال اقتضاؤه إياه، فلم يعطه شيئا، فلما أعياه،
وافاه الجشمي في سوق عكاظ بقرد، ثم جعل ينادي: من يبيعني مثل هذا الرّبّاح [11]
بما لي على فلان بن فلان الكناني؟ من يعطيني مثل هذا بما لي على فلان بن فلان
الكناني؟ رافعا صوته بذلك، فلما طال نداؤه بذلك و تعبيره به كنانة مرّ به رجل
منهم، فضرب القرد بسيفه، فقتله، فهتف به الجشميّ: يا آل هوازن، و هتف الكنانيّ: يا
آل كنانة، فتجمع الحيان فاقتتلوا، حتى تحاجزوا، و لم يكن بينهم قتلى، ثم كفوا، و
قالوا: أ في ربّاح تريقون دماءكم، و تقتلون أنفسكم؟ و حمل ابن جدعان ذلك في ماله
بين الفريقين.