عرفت أنه محدث من غناء
النساء، و لما رأيت جودة مقاطعه علمت أنّ صاحبته ضاربة، و قد حفظت مقاطعه و
أجزاءه، ثم طلبت عودا آخر، فلم أشكّ، فقال: صدقت، الغناء لعريب.
أمرني المعتمد على اللّه
أن أجمع غناءها الذي صنعته، فأخذت منها دفاترها و صحفها التي كانت قد جمعت فيها
غناءها فكتبته فكان ألف صوت.
أصواتها كمّا و كيفا
: و أخبرني علي بن عبد العزيز، عن ابن خرداذبه:
أنه سأل عريب عن صنعتها،
فقالت: قد بلغت إلى هذا الوقت ألف صوت.
و حدثني محمد بن إبراهيم
قريض [2] أنه جمع غناءها من ديواني ابن المعتز، و أبي العبيس بن حمدون، و ما أخذه
عن بدعة جاريتها التي أعطاها إياها بنو هاشم، فقابل بعضه ببعض، فكان ألفا و مائة و
خمسة و عشرين صوتا.
و ذكر العتّابيّ أنّ أحمد
بن يحيى حدثه: قال:
سمعت أبا عبد اللّه
الهشاميّ يقول- و قد ذكرت صنعة عريب-: صنعتها مثل قول أبي دلف في خالد بن يزيد حيث
يقول:
/
يا عين بكّي خالدا
ألفا و يدعى واحدا
يريد أنّ غناءها ألف صوت
في معنى واحد، فهي بمنزلة صوت واحد و حكى عنه أيضا هذه الحكاية ابن المعتز.
و هذا تحامل لا يحلّ [3]،
و لعمري إن في صنعتها لأشياء مرذولة ليّنة، و ليس ذلك مما يضعها، و لا عري كبير
أحد من المغنّين القدماء و المتأخرين من أن يكون صنعته النادر و المتوسّط سوى قوم
معدودين مثل ابن محرز و معبد في القدماء، و مثل إسحاق وحده في المتأخرين، و قد عيب
بمثل هذا ابن سريج في محله، فبلغه أن المغنين يقولون: إنما يغنى ابن سريج الأرمال
و الخفاف، و غناؤه يصلح للأعراس و الولائم، فبلغه ذلك فتغنى بقوله:
ثم توفّي بعدها، و غناؤه
يجري مجرى المعيب [5] عليه، و هذا إسحاق يقول في أبيه:- على عظيم محلّه في هذه
الصناعة و ما كان إسحاق يشيد به من ذكره و تفضيله على ابن جامع و غيره- و لأبي
ستّمائة صوت، منها مائتان تشبّه فيها بالقديم، و أتى بها في نهاية من الجودة، و
مائتان غناء وسط مثل أغاني سائر الناس، و مائتان فلسية [6] وددت أنه