فكان يقتلهما جوعا، فإذا
بلغ منهما الجوع أتياه يبكيان، فيرمي إليهما بثمن أقواتهما مضيّقا مقتّرا، و يقول:
كلا، أجاع اللّه أكبادكما [1] و أعرى أجلادكما [1] و أطال إجهادكما.
قال حكم بن يحيى: و أنشدته
يوما من شعر أبي سهل بن نوبخت، فجعل يحرّك رأسه، فقلت له: ما تقول فيه؟ فقال: هو
يشبه مضغ الماء ليس له طعم و لا معنى.
و حدثني أبو مسلم محمد بن
بحر الأصبهانيّ الكاتب، قال:
دخلت على البحتريّ يوما
فاحتبسني عنده، و دعا بطعام له، و دعاني إليه، فامتنعت من أكله، و عنده شيخ شاميّ
لا أعرفه، فدعاه إلى الطّعام، فتقدّم، و أكل معه أكلا عنيفا، فغاظه ذلك، و التفت
إليّ، فقال لي: أ تعرف هذا الشيخ؟ فقلت: لا، قال: هذا شيخ من بني الهجيم الذين
يقول فيهم الشاعر:
أخبرني عليّ بن سليمان
الأخفش، و أحمد بن جعفر جحظة: قالا: حدثنا أبو الغوث بن البحتري: قال:
كتبت إلى أبي يوما أطلب
منه نبيذا، فبعث إليّ بنصف قنّينة درديّ [7]، و كتب إليّ: دونكها يا بنيّ، فإنها
تكشف القحط، و تضبط الرّهط. قال الأخفش، و تقيت الرّهط.