و سألته عن حديث فحدثني
على ألا أحدّث به واحدا [1]، فبينا أنا يوما بالمسجد في الكوفة إذا عليّ صلوات
اللّه عليه متنكّب قرنا [2] له. فجعل يقول: الصلاة جامعة. و جلس على المنبر،
فاجتمع الناس، و جاء الأشعث بن قيس فجلس إلى جانب المنبر. فلما اجتمع الناس، و رضي
منهم قام فحمد اللّه و أثنى عليه، ثم قال:
/ أيها
الناس، إنكم تزعمون أن عندي من رسول اللّه- صلى اللّه عليه و سلّم- ما ليس عند
الناس، ألا و إنه ليس [3] عندي إلا ما في قرني هذا، ثم نكت [4] كنانته، فأخرج منها
صحيفة فيها: المسلمون تتكافأ دماؤهم، و هم يد على من سواهم.
من أحدث حدثا أو آوى محدثا
فعليه لعنة اللّه و الملائكة و الناس أجمعين». فقال له الأشعث بن قيس: هذه و اللّه
عليك لا لك، دعها تترحّل، فخفض عليّ- صلوات اللّه عليه- إليه بصره، و قال: ما
يدريك ما عليّ مما لي! عليك لعنة اللّه و لعنة اللاعنين، حائك ابن حائك، منافق ابن
منافق، كافر ابن كافر. و اللّه لقد أسرك الإسلام مرة و الكفر مرة، فما فداك من
واحد منهما حسبك و لا مالك، ثم رفع إليّ بصره فقال: يا عبيد اللّه:
أصبحت قنّا لراعي
الضأن يلعب بي
ما ذا يريبك منّي راعي الضان
فقلت: بأبي أنت و أمي، قد
كنت و اللّه أحبّ أن أسمع هذا منك. قال: هو و اللّه ذلك، قال:
فما قيل من بعدها من
مقالة
و لا علقت مني جديدا و لا درسا
يعود كلاب إلى البصرة
بعد موت أبيه و يولي الأبلة ثم يستعفى منها
: أخبرني الحسن بن عليّ قال: حدثنا الحارث، عن
المدائنيّ قال:
لما مات أمية بن الأسكر
عاد ابنه كلاب إلى البصرة، فكان يغزو مع المسلمين، منها مغازيهم، و شهد فتوحات
كثيرة، و بقي إلى أيام زياد، فولاه الأبلّة، فسمع كلاب يوما عثمان بن أبي العاص
يحدّث أن داود نبيّ اللّه- عليه السلام- كان يجمع أهله في السّحر فيقول: ادعوا
ربكم فإن في السّحر ساعة لا يدعو فيها عبد مؤمن إلا غفر له، إلا أن يكون عشّارا
[5] أو عريفا [6].
/ فلما
سمع ذلك كلاب كتب إلى زياد، فاستعفاه من عمله فأعفاه.
قال المدائنيّ: و لم يزل
كلاب بالبصرة [7] حتى مات، و المربعة المعروفة بمربعة كلاب بالبصرة [7] منسوبة/
إليه.
شعر أمية و قد ظفر بنو
ليث بقومه
: و قال أبو عمرو الشيبانيّ: كان بين بني غفار قومه و
[7] و بني ليث حرب، فظفرت بنو ليث بغفار، فحالف رحضة بن خزيمة بن خلاف بن حارثة بن
غفار و قومه [7] جميعا بني أسلم بن أفصى بن خزاعة، فقال أمية بن الأسكر