فشخص إليهم، فلمّا كان على مرحلة من المدينة بلغهم خبره فخرجوا
يتلقّونه، فلم ير يوم كان أكثر حشرا [1] و لا جمعا من يومئذ، و دخلوا، فلمّا صاروا
في بعض الطريق قال لهم معبد: صيروا إليّ؛ فقال له ابن سريج: إن كان لك من الشرف و
المروءة مثل ما لمولاتي سكينة/ بنت الحسين عطفنا إليك؛ فقال: ما لي من ذلك شيء، و
عدلوا إلى منزل سكينة. فلمّا دخلوا إليها أذنت للناس إذنا فغصّت الدار بهم و صعدوا
فوق السطح، و أمرت لهم بالأطعمة فأكلوا منها، ثم إنهم سألوا جدّي حنينا أن يغنّيهم
صوته الذي أوّله:
هلّا بكيت على الشباب الذاهب
فغنّاهم إيّاه
بعد أن قال لهم: ابدءوا أنتم؛ فقالوا: ما كنّا لنتقدّمك و لا نغنّي قبلك حتى نسمع
هذا الصوت؛ فغنّاهم إياه، و كان من أحسن الناس صوتا، فازدحم الناس على السطح و
كثروا ليسمعوه، فسقط الرّواق على من تحته فسلموا جميعا و أخرجوا أصحّاء، و مات
حنين تحت الهدم؛ فقالت سكينة عليها السلام: لقد كدّر علينا حنين سرورنا، انتظرناه
مدّة طويلة كأنّا و اللّه كنّا نسوقه إلى منيّته.
الشعر لعنترة
بن شدّاد العبسيّ، و الغناء فيه لحنين ثاني ثقيل [3].
و منها:
صوت
حنتني حانيات الدهر حتّى
كأنّي خاتل يدنو لصيد
قريب الخطو يحسب من رآني
و لست مقيّدا أنّي بقيد
/ الغناء لحنين الحيريّ ثقيل أوّل. و فيه لابراهيم
الموصليّ ما خوريّ جميعا عن ابن المكّيّ،/ و وافقه عمرو بن بانة في لحن إبراهيم
[الموصلي] [4]. و نسبة الشعر الذي غنّاه حنين في منزل سكينة- عليها السلام- يقال:
إنه لعديّ بن زيد، و قيل: إنّ بعضه له و قد أضافه المغنّون إليه. و لحنه خفيف ثقيل
مطلق في مجرى البنصر عن إسحاق.