responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 2  صفحه : 479

بحق فلان، أعد بحق فلان، حتّى بلغ من الملوك نفسه، فقال: أعد بحياتي؛ فأعاده. قال: فقام إليه فأكبّ عليه فلم يبق عضو من أعضائه إلّا قبّله و أهوى إلى هنه؛ فجعل ابن عائشة يضمّ فخذيه عليه؛ فقال: و اللّه العظيم لا تريم حتّى أقبّله، فأبداه له فقبّل رأسه، ثم نزع ثيابه فألقاها عليه، و بقي مجرّدا إلى أن أتوه بمثلها، و وهب له ألف دينار، و حمله على بغلة و قال: اركبها- بأبي أنت- و انصرف، فقد تركتني على مثل المقلى من حرارة غنائك؛ فركبها على بساطه و انصرف.

أمر لمحتاج بمال فأبى إلا سماعه فحكى ذلك للوليد فجعله في ندمائه‌

و أخبرني إسماعيل بن يونس قال حدثنا عمر بن شبّة قال حدّثني محمد بن الحسن النّخعيّ قال/ حدّثني محمد بن الحارث بن كليب بن زيد الرّبعي قال:

خرج ابن عائشة المدنيّ من عند الوليد بن يزيد و قد غنّاه:

أبعدك معقلا أرجو و حصنا

قد اعيتني المعاقل و الحصون‌

- و هي أربعة أبيات، هكذا في الخبر، و لم يذكر غير هذا البيت منها- قال فأطربه فأمر له بثلاثين ألف درهم و بمثل كارة [1] القصّار كسوة. فبينا ابن عائشة يسير إذ نظر إليه رجل من أهل وادي القرى كان يشتهي الغناء و يشرب النبيذ، فدنا من غلامه و قال: من هذا الراكب؟ قال: ابن عائشة المغني؛ فدنا منه و قال: جعلت فداءك، أنت ابن عائشة أمّ المؤمنين؟ قال: لا، أنا مولى لقريش و عائشة أمّي و حسبك هذا فلا عليك أن تكثر؛ قال: و ما هذا الذي أراه بين يديك من المال و الكسوة؟ قال: غنّيت أمير المؤمنين صوتا فأطربته فكفر و ترك الصلاة و أمر لي بهذا المال و هذه الكسوة؛ قال: جعلت فداءك، فهل تمنّ عليّ بأن تسمعني ما أسمعته إيّاه؟ فقال له: ويلك! أمثلي يكلّم بمثل هذا في الطريق! قال فما أصنع؟ قال: الحقني بالباب. و حرّك ابن عائشة بغلة شقراء كانت تحته لينقطع عنه؛ فعدا معه حتى وافيا الباب كفرسي رهان، و دخل ابن عائشة فمكث طويلا طمعا في أن يضجر فينصرف، فلم يفعل؛ فلمّا أعياه قال لغلامه: أخله؛ فلما دخل قال له: ويلك! من أين صبّك اللّه عليّ! قال: أنا رجل من أهل وادي القرى أشتهي هذا الغناء؛ فقال له: هل لك فيما هو أنفع لك منه؟ قال: و ما ذاك؟ قال: مائتا دينار و عشرة أثواب تتصرف بها إلى أهلك؛ فقال له: جعلت فداءك، و اللّه إنّ لي لبنيّة ما في أذنها- علم اللّه-/ حلقة من الورق فضلا عن الذهب، و إنّ لي لزوجة ما عليها- يشهد اللّه- قميص. و لو أعطيتني جميع ما أمر لك به أمير المؤمنين على هذه الخلّة [2] و الفقر اللذين عرّفتكهما و أضعفت لي ذلك، لكان الصوت أعجب إليّ- و كان ابن عائشة تائها لا يغنّي إلّا لخليفة أو لذي قدر جليل من إخوانه- فتعجّب ابن عائشة منه و رحمه، و دعا بالدّواة [3] و كان يغنّي مرتجلا، فغنّاه الصوت؛ فطرب له طربا شديدا، و جعل يحرّك رأسه حتى ظنّ أن عنقه سينقصف، ثمّ خرج من عنده و لم يرزأه شيئا، و بلغ الخبر الوليد بن يزيد فسأل ابن عائشة عنه، فجعل يغيب عن الحديث. ثم جدّ الوليد به فصدقه عنه، و أمر بطلب الرجل فطلب حتّى أحضر، و وصله صلة سنيّة، و جعله في ندمائه و وكّله بالسّقي، فلم يزل معه حتّى مات.


[1] كارة القصار: الثياب التي يجمعها و يحملها، و سميت كارة لأن القصّار يكوّر الثياب في ثوب واحد و يحملها فيكون بعضها فوق بعض.

[2] الخلة: الحاجة و الخصاصة.

[3] كذا في جميع النسخ، و لعلها محرفة عن الأداة: آلة من آلات الغناء، أو لعله دعا بدواة لينقر عليها في توقيعه.

نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 2  صفحه : 479
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست