فأما خبره مع
الزّبرقان بن بدر و السبب في هجائه إياه، فأخبرني به أبو خليفة عن محمد بن سلّام و
لم يتجاوزه به، و أخبرني الحسين بن يحيى عن حمّاد عن أبيه عن محمد بن سلّام عن
يونس، و أخبرني محمد بن الحسن بن دريد عن أبي حاتم عن أبي عبيدة، و أخبرني
اليزيديّ عن عمّه عبيد اللّه عن أبي حبيب [1] عن ابن الأعرابيّ و قد جمعت رواياتهم
و ضممت بعضها إلى بعض:
أن النبيّ صلى
اللّه عليه و آله و سلّم كان ولّى الزّبرقان بن بدر بن امرئ القيس بن خلف بن بهدلة
بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم عملا، و ذكر/ مثل ذلك الأصمعيّ، و قال:
الزّبرقان: القمر، و الزبرقان: الرجل الخفيف اللحية. قال:
و أقرّه أبو
بكر رضي اللّه عنه بعد النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم على عمله، ثم قدم على
عمر في سنة مجدبة ليؤدّي صدقات قومه، فلقيه الحطيئة بقرقرى [2] و معه ابناه أوس و
سوادة و بناته و امرأته؛ فقال له الزّبرقان و قد عرفه و لم يعرفه الحطيئة: أين
تريد؟ قال: العراق، فقد حطمتنا هذه السنة؛ قال: و تصنع ما ذا؟ قال وددت أن أصادف
بها رجلا يكفيني مئونة عيالي و أصفيه [3] مدحي أبدا؛ فقال له الزبرقان: قد أصبته،
فهل لك فيه يوسعك لبنا و تمرا و يجاورك أحسن جوار و أكرمه؟ فقال له الحطيئة: هذا و
أبيك العيش، و ما كنت أرجو هذا كلّه؛ قال: فقد أصبته؛ قال: عند من؟ قال:
عندي؛ قال: و
من أنت؟ قال: الزّبرقان بن بدر؛ قال و أين محلّك؟ قال: اركب هذه الإبل، و استقبل
مطلع الشمس، و سل عن القمر حتى تأتي منزلي. قال يونس: و كان اسم الزّبرقان الحصين
بن بدر، و إنما سمّي الزّبرقان لحسنه، شبّه بالقمر. و قيل: بل لبس عمامة مزبرقة
[4] بالزّعفران فسمّي الزّبرقان لذلك. و قال أبو عبيدة في خبره: فقال له:
سر إلى أم شذرة
و هي أم الزّبرقان و هي أيضا عمة الفرزدق، و كتب إليها أن أحسني إليه، و أكثري له
من التمر و اللبن. و قال آخرون: بل وكله إلى زوجته. فلحق الحطيئة [5] بزوجته على
رواية ابن سلّام،/ و هي بنت صعصعة بن ناجية المجاشعيّة، و اسمها هنيدة، و على
رواية أبي عبيدة: أنها أمّه، و ذلك في عام صعب مجدب، فأكرمته المرأة و أحسنت إليه؛
فبلغ ذلك بغيض بن عامر بن شمّاس بن لأي بن جعفر و هو أنف الناقة بن قريع بن عوف
[6] [بن كعب] [7] بن سعد بن زيد مناة بن تميم،/ و بلغ إخوته و بني عمه فاغتنموها.
و في خبر اليزيديّ عن عمه قال ابن حبيب عن ابن الأعرابيّ: و كانوا يغضبون من أنف
الناقة، و إنما سمّي جعفر أنف الناقة لأن أباه قريعا نحر ناقة فقسمها بين نسائه،
فبعثت جعفرا هذا أمّه، و هي الشّموس من وائل ثم من سعد هذيم، فأتى أباه و لم يبق
من الناقة إلا رأسها و عنقها، فقال: شأنك بهذا؛ فأدخل يده في أنفها و جرّ ما
أعطاه؛ فسمّي أنف الناقة. و كان ذلك كاللّقب لهم حتى مدحهم الحطيئة، فقال:
[1]
كذا في جميع النسخ و لعله: «ابن حبيب» و هو محمد بن حبيب المتقدّم ذكره كثيرا في
«رجال السند» و الذي ذكر ابن النديم في «الفهرست» صفحة 106 طبع ليبزج إنه يروى عن
ابن الأعرابيّ و سيأتي في الصفحة التالية ذكر ابن حبيب هذا و أنه يروى عن ابن
الأعرابيّ.
[2] قرقري:
أرض باليمامة فيها قرى و زروع و نخيل كثيرة. (انظر «معجم ياقوت» في قرقري).