دخل في حفل
عند سعيد بن العاص فأنكره الناس ثم عرف فكرّم
أخبرني عمّي
قال حدّثنا الكرانيّ عن التّوّزيّ عن أبي عبيدة قال: بينا سعيد بن العاص يعشّي
الناس بالمدينة و الناس يخرجون أوّلا أوّلا، إذ نظر على بساطه إلى رجل قبيح
المنظر، رثّ الهيئة، جالس [3] مع أصحاب سمرة، فذهب الشّرط يقيمونه فأبى أن يقوم، و
حانت من سعيد التفاتة فقال: دعوا الرجل، فتركوه؛ و خاضوا في أحاديث العرب و أشعاره
مليّا؛ فقال لهم الحطيئة: و اللّه ما أصبتم جيّد الشعر و لا شاعر العرب؛ فقال له
سعيد: أ تعرف من ذلك شيئا؟ قال: نعم؛ قال: فمن أشعر العرب؟ قال: الذي يقول:
لا أعدّ الإقتار عدما و لكن
فقد من قد رزئته الإعدام
و أنشدها حتى
أتى عليها؛ فقال له: من يقولها؟ قال: أبو داود الإياديّ؛ قال: ثم من؟ قال: الذي
يقول:
ثم أنشدها حتى
فرغ منها؛ قال: و من يقولها؟ قال عبيد بن الأبرص؛ قال: ثم من؟ قال: و اللّه لحسبك
بي عند رغبة أو رهبة إذا رفعت إحدى رجليّ على الأخرى ثم عويت في أثر القوافي عواء
الفصيل الصّادي؛ قال: و من أنت؟ قال: الحطيئة؛ قال: فرحّب به سعيد، ثم قال: أسأت
بكتماننا نفسك منذ الليلة؛ و وصله و كساه.
قدم على
عتيبة بن النهاس فلم يكرمه ثم. عرّف به فأكرمه
و مضى لوجهه
إلى عتيبة بن النّهّاس العجليّ فسأله؛ فقال له: ما أنا على عمل فأعطيك/ من عدده، و
لا في مالي فضل عن قومي؛ قال له:/ فلا عليك، و انصرف. فقال له بعض قومه: لقد عرّضتنا
و نفسك للشر! قال: و كيف! قالوا: هذا الحطيئة و هو هاجينا أخبث هجاء؛ فقال ردّوه:
فردّوه إليه، فقال له: لم كتمتنا [6] نفسك كأنك كنت تطلب العلل علينا! اجلس فلك
عندنا ما يسرّك؛ فجلس فقال له: من أشعر الناس؟ قال: الذي يقول:
[1]
كذا في جميع الأصول و «الديوان». و المقورّة هنا: المهازيل، و يقال أيضا على
السمان، فهو من أسماء الأضداد. و في «اللسان» مادّة خرص «مقرورة» من القرّ و هو
البرد.
[2] كذا في «الديوان»،
و الخرصة: الجائعة المقرورة. و في جميع الأصول: «خورات» من الخور و هو الضعف.
[3] كذا في
نسخة ط و هو وصف آخر لرجل، و في سائر النسخ: «جالسا» و هو صحيح أيضا على أنه حال
من رجل لأن النكرة إذا وصفت صح فيما يذكر بعد أن يكون حالا منها.
[4] كذا في أ
و «اللسان» و نسخة «المعلقات بشرح التبريزيّ». و أفلح من الفلاح و هو البقاء أي عش
بما شئت من عقل و حمق، فقد يرزق الأحمق و يحرم العاقل، أو من الفلاح و هو الفوز و
الظفر. و في م: «أفلج» بالجيم و هو بمعنى أفلح أي فز و اظفر. و في بقية الأصول:
«أدرك».
[5] كذا في
جميع الأصول. و في «المعلقات»: «فقد يبلغ بالضعف». و في «اللسان» مادّة فلح: «فقد
يبلغ بالنوك».