/ و جعل يدهور هذا البيت في أشداقه و لا يرى إنسانا، إذ اطّلع في
ركيّ [1] أو حوض فرأى وجهه فقال:
أرى لي وجها شوّه اللّه خلقه
فقبّح من وجه و قبّح حامله
قدم المدينة
فجمعت له قريش العطايا خوفا من شره
نسخت من كتاب
الحرميّ بن أبي العلاء: حدّثنا الزّبير بن بكّار قال حدّثني عمّي قال:
قدم الحطيئة
المدينة فأرصدت [2] قريش له العطايا خوفا من شرّه، فقام في المسجد فصاح: من يحملني
على بغلين.
أخبرني أبو
خليفة قال حدّثنا محمد بن سلّام و أخبرني الحسين بن يحيى المرداسي قال حدّثنا
حمّاد بن إسحاق عن أبيه قال قال أبو عبيدة و المدائنيّ و مصعب:
كان الحطيئة
سئولا جشعا، فقدم المدينة و قد أرصدت له قريش العطايا، و الناس في سنة مجدبة و
سخطة من خليفة، فمشى أشراف أهل المدينة بعضهم إلى بعض، فقالوا: قد قدم علينا هذا
الرجل و هو شاعر، و الشاعر يظنّ فيحقّق، و هو يأتي الرجل من أشرافكم يسأله، فإن
أعطاه جهد نفسه بهرها [3]، و إن حرمه هجاه، فأجمع رأيهم على أن يجعلوا له شيئا
معدّا يجمعونه بينهم له، فكان أهل البيت من قريش و الأنصار يجمعون له العشرة و
العشرين و الثلاثين دينارا [4] حتى جمعوا له أربعمائة دينار، و ظنوا أنهم قد
أغنوه، فأتوه فقالوا له: هذه صلة آل فلان و هذه صلة آل فلان و هذه صلة آل فلان،
فأخذها؛ فظنوا أنهم قد كفّوه عن المسألة، فإذا هو يوم الجمعة قد استقبل الإمام
ماثلا [5] ينادي: من يحملني على بغلين وقاه اللّه كبّة [6] جهنّم.
كان متين
الشعر و ليس في شعره مطعن
و وصف أبو
عبيدة و محمد بن سلّام شعر الحطيئة فجمعت متفرّق ما وصفاه به في هذا الخبر، أخبرنا
به أبو خليفة عن محمد بن سلّام و ابن دريد عن أبي حاتم عن أبي عبيدة قالا:
طلب من كعب
بن زهير أن يقول شعرا يضعه فيه بعده فقال، و هجاه لذلك مزرد بن ضرار
كان الحطيئة
متين الشعر، شرود [7] القافية، و كان دنىء النفس، و ما تشاء أن تطعن في شعر شاعر
إلا وجدت فيه مطعنا، و ما أقلّ ما تجد ذلك في شعره. قالا: فبلغ من دناءة نفسه أنه
أتى كعب بن زهير- و كان الحطيئة راوية زهير/ و آل زهير- فقال له: قد علمت روايتي
لكم أهل البيت و انقطاعي إليكم، و قد ذهب الفحول غيري و غيرك، فلو