فقال له عمر: لبّيك، و وقف و وقف النّاس معه، ثم قال له: فمه، فقال:
فأنت امرؤ كلتا يديك مفيدة
شمالك خير من يمين سواكا
قال: ثم مه، فقال:
بلغت مدى المجرين قبلك إذ جروا
و لم يبلغ المجرون بعد مداكا [1]
فجدّاك لا جدّين أكرم منهما
هناك تناهي المجد ثم هناكا
فقال له عمر: ألا أراك شاعرا! ما لك عندي من حقّ، قال: لا، و لكني سائل/ و ابن سبيل و ذو سهمة [2].
فالتفت عمر إلى قهرمانه فقال: أعطه فضل نفقتي، قال: و إذا هو عويف القوافي الفزاريّ.
هجا بني مرة
أخبرني هاشم بن محمد الخزاعيّ، قال: حدّثنا أبو غسّان دماذ، عن أبي عبيدة، قال:
لما كان يوم ابن جرح، و افتتلت [3] بنو مرّة و بنو حنّ بن عذرة، قال عويف القوافي لبني مرّة يهجوهم و يوبّخهم بتركهم نصرهم:
كنّا لكم يا مرّ أمّا حفيّة
و كنتم لنا يا مرّ بوّا [4] مجلّدا
و كنتم لنا سيفا و كنّا وعاءه
إذا نحن خفنا أن يكلّ فيغمدا
عقيل بن علفة يجيبه بقصيدة
فأجابه عقيل بن علّفة بقصيدته الّتي أوّلها:
أ ماويّ إنّ الركب مرتحل غدا
و حقّ ثويّ نازل أن يزوّدا
يقول فيها يخاطب عويفا:
إذا قلت: قد سامحت سهما و مازنا [5]
أبى النّسب الدّاني و كفرهم اليدا
و قد أسلموا أستاههم لقبيلة
قضاعيّة يدعون حنّا [6] و أصيدا
فما كنت أمّا بل جعلتك لي أخا
و قد كنت في النّاس الطّريد المشرّدا
عويف استها قد رمت ويلك مجدنا
قديما فلم تعد الحمار المقيّدا
/ و لو أنّني يوم ابن جرح لقيتهم
لجرّدت في الأعداء عضبا مهنّدا
و أبيات عويف هذه يقولها يوم مرج راهط؛ و هي الحرب الّتي كانت بين قيس و كلب.
[1] ف، المختار:
« لن يدرك المجرون بعد مداكا»
. [2] السّهمة: القرابة، و النصيب، و القسمة، و في المختار «و ذو نهمة».
[3] ف «و أقبلت بنو مرة».
[4] البو: جلد ولد الناقة يحشى تبنا بعد موته و يقرب من أمه لتدرّ عليه.
[5] ف:
«أيا قلب قد سامحت شمخا و مازنا»
. [6] حن: أبو حي من عذرة.