أخبرني رضوان بن أحمد
الصّيدلانيّ، قال: حدّثنا يوسف بن إبراهيم، قال: حدّثنا إبراهيم بن المهديّ، قال:
حدّثني عبيدة بن أشعب،
قال:
كان الغاضريّ مندر [1] أهل
المدينة و مضحكهم قبل أبي، فأسقطه أبي و اطّرح، و كان الغاضريّ حسن الوجه مادّ
القامة عبلا فخما، و كان أبي قصيرا دميما قليل اللّحم؛ إلّا أنّه كان يتضرّم و
يتوقّد ذكاء و حدّة و خفّة روح، و كان الغاضريّ يحسده إلا أنهما متساويان، و كان
الغاضريّ لقيطا منبوذا لا يعرف له أب، فمرّ يوما- و معه فتية من قريش- بأبي في
المسجد و قد تأذّي بثيابه فنزعها، و تجرّد و جلس عريانا، فقال لهم الغاضريّ:
أنشدتكم اللّه هل رأيتم أعجب من هذه الخلقة! يريد خلقة أبي، فقال له أبي: إنّ
خلقتي لعجيبة، و أعجب منها أنه زقّني [2] اثنان فصرت نضوا [3]، و زقّك واحد فصرت
بختيّا [4]، قال: و أهل المدينة يسمون المهلوس [5] من الفراخ النّضو و المسرول [6]
البختيّ، فغضب الغاضريّ عند ذلك و شتمه، فسقط و استبرد، و ترك النوادر بعد ذلك، و
غلب أبي على أهل المدينة و استطابوه، و كان هذا سببه.
أشعب و زياد بن عبد اللّه
الحارثي
أخبرني جعفر بن قدامة،
قال: حدّثنا حمّاد بن إسحاق، عن أبيه، قال:
/ كان
زياد بن عبد اللّه الحارثيّ أبخل خلق اللّه، فأولم وليمة لطهر بعض أولاده، و كان
النّاس يحضرون و يقدّم الطّعام فلا يأكلون منه إلا تعلّلا و تشعّثا [7] لعلمهم به،
فقدّم فيما قدّم جدي مشويّ فلم يعرض له أحد، و جعل يردّده على المائدة ثلاثة أيّام
و الناس يجتنبونه إلى أن انقضت الوليمة، فأصغى أشعب إلى بعض من كان هناك فقال:
امرأته الطّلاق إن لم يكن هذا الجدي بعد أن ذبح و شوي أطول عمرا و أمدّ حياة منه
قبل أن يذبح، فضحك الرّجل، و سمعها زياد فتغافل.
غضبت سكينة عليه فأمرت
بحلق لحيته
أخبرني عمّي، قال: حدّثنا
عبد اللّه بن أبي سعد، قال: حدّثني محمد بن عبد اللّه بن مالك، عن إسحاق، قال:
حدّثني إبراهيم بن المهديّ، عن عبيدة بن أشعب، قال:
غضبت سكينة على أبي في
شيء خالفها فيه فحلفت لتحلقنّ لحيته، و دعت بالحجّام فقالت له: احلق لحيته، فقال
له الحجّام: انفخ شدقيك حتى أتمكّن منك، فقال له: يا بن البظراء، أمرتك أن تحلق
لحيتي أو تعلّمني الزّمر! خبّرني عن امرأتك إذا أردت أن تحلق/ حرها تنفخ أشداقه!
فغضب الحجّام و حلف ألّا يحلق لحيته و انصرف، و بلغ سكينة الخبر و ما جرى بينهما
فضحكت و عفت عنه.