قال: فأتى أشعب الباب،
فأخبرت بمكانه، فأمرت ففرشت لها فرش و جلست فأذنت له، فدخل فأنشدها ما أمره، فقالت
لخدمها: خذوا الفاسق، فقال: يا سيدتي إنها بعشرة آلاف درهم، قالت: و اللّه
لأقتلنّك أو تبلّغه كما بلغتني، قال: و ما تهبين لي؟ قالت: بساطي الّذي تحتي، قال:
قومي عنه، فقالت فطواه ثم قال: هاتي رسالتك جعلت فداءك، قالت: قل له:
أ تبكي على لبنى و
أنت تركتها
فقد ذهبت لبنى فما أنت صانع؟!
فأقبل أشعب فدخل على
الوليد فأنشده البيت، فقال: أوّه! قتلتني و اللّه، ما تراني صانعا بك يا بن
الزانية؟ اختر إمّا أن أدلّيك منكّسا في بئر، أو أرمي بك من فوق القصر/ منكّسا، أو
أضرب رأسك بعمودي هذا ضربة، فقال:
ما كنت فاعلا بي شيئا من
ذلك، قال: و لم؟ قال: لأنّك لم تكن لتعذّب رأسا فيه عينان قد نظرتا إلى سعدة فقال:
صدقت يا بن الزّانية، اخرج
عنّي.
و قد أخبرني بهذا الخبر
محمد بن مزيد، عن حمّاد، عن أبيه، عن الهيثم بن عديّ، أنّ سعدة لمّا أنشدها أشعب
قوله:
أ سعدة هل إليك لنا
سبيل
و هل حتّى القيامة من تلاقي؟!
قالت: لا و اللّه لا يكون
ذلك أبدا، فلما أنشدها:
بلى و لعلّ دهرا أن
يواتي
بموت من حليلك أو طلاق
قالت: كلّا إن شاء اللّه،
بل يفعل اللّه ذلك به، فلمّا أنشدها:
فأصبح شامتا و تقرّ
عيني
و يجمع شملنا بعد افتراق
قالت: بل تكون الشّماتة
به، و ذكر باقي الخبر مثل حديث الجوهريّ، عن ابن مهرويه.
/ أخبرني
عمّي، قال: حدّثنا محمد بن سعد الكرانيّ، قال: حدّثنا العمريّ، عن الهيثم بن عديّ،
قال:
كتب الوليد بن يزيد في
إشخاص أشعب من الحجاز إليه و جمله على البريد، فحمل إليه، فلما دخل أمر بأن يلبس
تبّانا [1] و يجعل فيه ذنب قرد، و يشدّ في رجليه أجراس، و في عنقه جلاجل، ففعل به
ذلك، فدخل و هو عجب من العجب، فلما رآه ضحك منه و كشف عن أيره، قال أشعب: فنظرت
إليه كأنّه ناي مدهون، فقال لي:/ اسجد للأصمّ ويلك، يعني أيره، فسجدت، ثم رفعت
رأسي و سجدت أخرى، فقال: ما هذا؟ فقلت: الأولى للأصمّ، و الثانية لخصيتيك، فضحك و
أمر بنزع ما كان ألبسنيه و وصلني، و لم أزل من ندمائه حتى قتل.
أخبرني محمد بن مزيد، قال:
حدّثنا حمّاد بن إسحاق، عن أبيه، قال:
قال رجل لأشعب إنه أهدي
إلى زياد بن عبد اللّه الحارثيّ قبّة أدم قيمتها عشرة آلاف درهم فقال: امرأته
الطّلاق
[1]
التبان: سراويل قصيرة إلى الركبة أو
ما فوقها تستر العورة. و في مد «ثيابا».