فقالوا: هذا بارد و لا
حركة فيه، و لسنا نرضى، فلما رأيت دفعهم إياي و خفت ذهاب ما جعلوه لي رجعت فقلت:
يا أبا عمر، آخر، فقال: ما لي و لك؟ فلم أملّكه كلامه حتى غنيت، فقال: ما أرى
بأسا، فخرجت إليهم فأعلمتهم فقالوا: و أي شيء غنيته؟ فقلت: غنّيته قوله:
لم يطيقوا أن ينزلوا
و نزلنا
و أخو الحرب من أطاق النّزالا
فقالوا: ليس هذا بشيء،
فرجعت إليه فقال: مه، قلت: و آخر، فلم أملّكه أمره حتى غنيت:
/ فقال: نهلا نهلا [2]، فقلت: لا و اللّه إلا بذاك
السّداك، و فيه تمر عجوة من صدقة عمر فقال: هو لك، فخرجت به عليهم و أنا أخطر فقالوا:
مه، فقلت: غنّيت الشيخ:
غيّضن من عبراتهنّ و
قلن لي
................
.....
فطرب و فرض لي فأعطاني
هذا، و كذبتهم، و اللّه ما أعطانيه إلا استكفافا حتى صمتّ.
/ قال
ابن أبي سعد: السّداك: الزّبيل الكبير. و فرض لي أي نقّطني، يعني ما يهبه الناس
للمغنّين و يسمّونه النّقط.
كانت له ألحان مطربة و
شهد له معبد
حدّثني الجوهريّ، قال:
حدثنا محمد بن القاسم، قال: حدّثني قعنب بن المحرز، عن الأصمعيّ، قال:
حدّثني جعفر بن سليمان،
قال:
قدم أشعب أيام أبي جعفر،
فأطاف به فتيان بني هاشم و سألوه أن يغنّيهم فغنّى فإذا ألحانه مطربة [3] و حلقه
على حاله، فقال له جعفر بن المنصور: لمن هذا الشعر و الغناء:
لمن طلل بذات الجي
ش أمسى دارسا خلقا؟
فقال له: أخذت الغناء عن
معبد، و هو للدّلال، و لقد كنت آخذ اللحن عن معبد فإذا سئل عنه قال: عليكم بأشعب
فإنه أحسن تأدية له مني.
أشعب يلازم جريرا و
يغنيه في شعره
أخبرني محمد بن مزيد، قال:
حدثنا حمّاد بن إسحاق، عن أبيه، عن عبد اللّه بن مصعب، قال:
قدم جرير المدينة، فاجتمع
إليه الناس يستنشدونه و يسألونه عن شعره، فينشدهم و يأخذون عنه و ينصرفون، و لزمه
أشعب من بينهم فلم يفارقه، فقال له جرير: أراك أطولهم جلوسا و أكثرهم سؤالا، و إني
لأظنّك ألأمهم حسبا، فقال له: يا أبا حزرة، أنا و اللّه أنفعهم لك، قال: و كيف
ذلك؟ قال: أنا آخذ شعرك فأحسّنه و أجوّده، قال:
[1]
البيت لجرير في شرح ديوان جرير 578 ط
الصاوي، و قبله: