و صار في هيئة لم يعرفه
أحد بها، ثم أرسل وجهه و قال له: افعل هكذا و طوّل وجهه حتى كاد ذقنه يجوز صدره، و
صار كأنه وجه الناظر في سيفه، ثم نزع ثيابه و تحادب فصار في ظهره حدبة كسنام
البعير، و صار طوله مقدار شبر أو أكثر، ثم نزع سراويله و جعل يمد جلد خصييه حتى
حكّ بهما الأرض، ثم خلّاهما من يده و مشى و جعل يخنس [1] و هما يخطّان الأرض، ثم
قام فتطاول و تمدّد و تمطّى حتى صار أطول ما يكون من الرجال، فضحك و اللّه القوم
حتى أغمي عليهم و قطع الغاضريّ فما تكلم بنادرة، و لا زاد على أن يقول: يا أبا
العلاء لا أعاود ما تكره، إنما أنا تلميذك و خرّيجك، ثم انصرف أشعب و تركه.
من أخلاق أمه
أخبرني رضوان بن أحمد
الصّيدلانيّ، قال: حدثنا يوسف بن إبراهيم، عن إبراهيم بن المهديّ، عن عبيدة بن
أشعب، عن أبيه: أنه كان مولده في سنة تسع من الهجرة، و أن أباه كان من مماليك
عثمان، و أنّ أمّه كانت تنقل كلام أزواج النبي صلّى اللّه عليه و سلّم بعضهن إلى
بعض، فتلقي بينهن الشّرّ، فتأذّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بذلك،/ فدعا
اللّه عز و جل عليها فأماتها، و عمّر ابنها أشعب حتى هلك في أيام المهديّ.
كان من المعتزلة
و كان في أشعب خلال، منها
أنه كان أطيب أهل زمانه عشرة و أكثرهم نادرة، و منها: أنه كان أحسن الناس أداء
لغناء سمعه، و منها: أنه أقوم أهل دهره بحجج المعتزلة و كان امرأ منهم.
أشعب و عبد اللّه بن عمر
قال إبراهيم بن المهديّ
فحدّثني عبيدة بن أشعب، عن أبيه، قال: بلغني أن عبد اللّه بن عمر كان في مال له
[2] يتصدق بثمرته، فركبت ناضحا [3] و وافيته في ماله، فقلت: يا بن أمير المؤمنين و
يا بن الفاروق أوقر لي بعيري هذا تمرا، فقال لي: أ من المهاجرين أنت؟ قلت: اللهمّ
لا، قال: فمن الأنصار أنت؟ فقلت: اللهم لا، قال: أ فمن التابعين بإحسان؟ فقلت:
أرجو، فقال: إلى أن يحقّق رجاؤك، قال: أ فمن أبناء السبيل أنت؟ قلت: لا، قال:
فعلام أوقر لك بعيرك تمرا؟ قلت: لأني سائل، و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و
سلّم: «إن أتاك سائل على فرس فلا
تردّه»، فقال: لو شئنا أن نقول لك: إنه قال: لو أتاك على فرس، و لم يقل أتاك على
ناضح بعير [4] لقلنا، و لكنّي أمسك عن ذلك لاستغنائي عنه؛ لأني قلت لأبي عمر بن
الخطاب: إذا أتاني سائل على فرس يسألني أعطيته؟ فقال: إني سألت رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و سلّم عما سألتني عنه، فقال لي: نعم إذا لم تصب راجلا و نحن أيها
الرّجل نصيب رجّالة فعلام أعطيك و أنت على بعير؟ فقلت له: بحق أبيك الفاروق، و بحق
اللّه عز و جل، و بحق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم لما أوقرته لي تمرا، فقال
لي عبد اللّه: أنا موقره لك تمرا، و و حق اللّه و و حق رسوله لئن عاودت استحلافي
لا أبررت لك قسمك، و لو أنك اقتصرت على استحلافي بحق أبي عليّ في تمرة أعطيكها لما
أنفدت قسمك، لأني سمعت أبي يقول: إن