و كان قد سكر، فقال: أخبرك
بشيء على أن تكتمه؟ قلت: نعم، قال: أ تدري من المعنيّ بقوله: يا شقيق النفس من
حكم؟ قلت: لا، قال: أنا و اللّه المعنيّ بذلك، و الشعر لوالبة بن الحباب، قال: و
ما علم بذلك غيرك و أنت أعلم، فما حدّثت بهذا حتى مات.
قال: و قال الجاحظ: كان
والبة بن الحباب، و مطيع بن إياس، و منقذ بن عبد الرحمن الهلاليّ، و حفص بن أبي
وردة، و ابن/ المقفّع، و يونس بن أبي فروة، و حمّاد بن عجرد، و عليّ بن الخليل، و
حمّاد بن أبي ليلى الراوية، و ابن الزّبرقان [1]، و عمارة بن حمزة، و يزيد بن
الفيض، و جميل بن محفوظ، و بشّار المرعّث [2]، و أبان اللّاحقيّ ندماء، يجتمعون
على الشراب و قول الشعر و لا يكادون يفترقون، و يهجو بعضهم بعضا هزلا و عمدا، و
كلهم متّهم في دينه.
والبة و أبو العتاهية
يتهاجيان
أخبرني محمد بن يحيى
الصّوليّ، قال: حدثنا محمد بن موسى بن حمّاد، قال: حدثني/ محمد بن القاسم، قال:
حدثني إسحاق بن إبراهيم بن محمد السالميّ الكوفيّ التّيميّ، قال: حدثني محمد بن
عمر الجرجانيّ، قال:
رأيت أبا العتاهية جاء إلى
أبي، فقال له: إن والبة بن الحباب قد هجاني، و من أنا منه؟ أنا جرّار مسكين، و جعل
يرفع من والبة و يضع من نفسه، فأحبّ أن تكلمه أن يمسك عنّي. قال: فكلم أبي والبة،
و عرّفه أن أبا العتاهية جاءه و سأله ذلك، فلم يقبل و جعل يشتم أبا العتاهية،
فتركه، ثم جاء أبو العتاهية فسأله عما عمل في حاجته، فأخبره بما ردّ عليه والبة،
فقال لأبي: لي الآن إليك حاجة، قال: و ما هي؟ قال: لا تكلمني في أمره، قال: قلت
له: هذا أوّل [3] ما يجب لك، قال: فقال: أبو العتاهية يهجوه: