تتولّاهم! فقال: يا بنيّ،
أنت تعلم انقطاع الكلبيّ إلى بني أمية، و هم أعداء عليّ عليه السّلام، فلو ذكرت
عليّا لترك/ ذكري، و أقبل على هجائه، فأكون قد عرّضت عليّا له، و لا أجد له ناصرا
من بني ففخرت عليه ببني أمية، و قلت: إن نقضها عليّ قتلوه، و إن أمسك عن ذكرهم
قتلته غمّا و غلبته؛ فكان كما قال، أمسك الكلبيّ عن جوابه، فغلب عليه، و أفحم
الكلبيّ.
أخبرني علي بن سليمان
الأخفش، قال: أخبرني أبو سعيد السّكّريّ، عن محمد بن حبيب، عن إبراهيم بن عبد
اللّه الطلحيّ، قال: قال محمد بن سلمة:
كان الكميت مدّاحا لأبان
بن الوليد البجليّ، و كان أبان له محبّا و إليه محسنا، فمدح الكميت الحكم بن
الصّلت، و هو يومئذ يخلف يوسف بن عمر، بقصيدته التي أولها:
طربت و هاجك الشوق
الحثيث
فلما أنشده إياها و فرغ،
دعا الحكم بخازنه ليعطيه الجائزة، ثم دعا بأبان بن الوليد، فأدخل إليه و هو مكبّل
بالحديد، فطالبه بالمال، فالتفت الكميت/ فرآه، فدمعت عيناه، و أقبل على الحكم،
فقال: أصلح اللّه الأمير! اجعل جائزتي لأبان، و احتسب بها له من هذا النّجم. فقال
له الحكم: قد فعلت، ردّوه إلى السجن. فقال له أبان:
يا أبا المستهلّ، ما حلّ
له عليّ شيء بعد. فقال الكميت للحكم: أبي تسخر أصلح اللّه الأمير! فقال الحكم:
كذب، قد حلّ عليه المال، و لو لم يحلّ لاحتسبنا له مما يحلّ.
تعريضه بحوشب بن يزيد
الشيباني
فقال له حوشب بن يزيد
الشيباني- و كان خليفة الحكم-: أصلح اللّه الأمير، أ تشفّع حمار بني أسد في عبد
بجيلة؟ فقال له الكميت: لئن قلت ذاك فو اللّه ما فررنا عن آبائنا حتى قتلوا، و لا
نكحنا حلائل آبائنا بعد أن ماتوا- و كان يقال إنّ حوشبا فرّ عن أبيه في بعض
الحروب، فقتل أبوه و نجا هو، و يقال: إنه وطئ جارية لأبيه بعد وفاته- فسكت حوشب
مفحما خجلا، فقال له الحكم: ما كان تعرّضك للسان الكميت!.