و قد أخبرني إبراهيم بن
محمد بن أيوب الصائغ قال: حدّثنا عبد اللّه بن مسلم بن قتيبة:
أن هذين البيتين للمعلوط،
و أن جريرا سرقهما منه، و أدخلهما في شعره.
أبو السائب المخزومي و
غزل جرير
أخبرني الحرميّ بن أبي
العلاء قال: حدّثنا الزبير بن بكّار قال: حدّثني عمي و غيره قالوا:
غدا عبد اللّه بن مسلم بن
جندب الهذلي على أبي السائب المخزوميّ في منزله، فلما خرج إليه أبو السائب أنشده
قول جرير:
إن الذين غدوا بلبك
غادروا
و شلا بعينك لا يزال معينا
البيتين. فحلف أبو السائب
ألّا يرد على أحد سلاما، و لا يكلّمه إلا بهذين البيتين، حتى يرجع إلى منزله.
فخرجا، فلقيهما عبد العزيز بن المطّلب و هو قاض، و كانا يدعيان القرينين
لملازمتهما، فلما رآهما قال: كيف أصبح القرينان؟ فغمز أبو السائب بن جندب: أن
أخبره [1] بالقصّة، و ابن جندب يتغافل، فقال لابن جندب: ما لأبي السائب؟ فجعل أبو
السائب يغمزه، أي أخبره بيميني [1]. قال ابن جندب: أحمد اللّه إليك، ما زلت منكرا
لفعله منذ خرجنا. فانصرف ابن المطلب إلى منزله و الخصوم ينتظرونه، فصرفهم [2] و
دخل منزله مغتما. فلما أتى أبو السائب منزله، و برّت يمينه، خرج إلى ابن جندب
فقال: اذهب بنا إلى ابن المطلب، فإني أخاف أن يردّ شهادتي. فاستأذنا عليه، فأذن
لهما فقال له أبو السائب: قد علمت-/ أعزك اللّه- غرامي بالشعر؛ و إن هذا الضالّ
جاءني حين خرجت من منزلي، فأنشدني بيتين،/ فحلفت ألا أرد على أحد سلاما، و لا
أكلمه إلا بهما. حتى أرجع إلى منزلي. فقال ابن المطلب: اللهم غفرا! أ لا تترك
المجون يا أبا السائب.
أخبرني: الحرميّ قال:
حدّثنا الزبير بن بكار قال: حدّثني عبد المطلب بن عبد العزيز قال:
أنشدت أبا السائب قول
جرير:
غيّضن من عبراتهن و
قلن لي
ما ذا لقيت من الهوى و لقينا!
فقال: يا ابن أخي، أ تدري
ما التغييض؟ قلت: لا. قال: هكذا، و أشار بإصبعه إلى جفنه، كأنه يأخذ الدمع ثم
ينضحه.
(1-
1) كذا في ف. و في الأصول: بيميني،
فأنشده أبو السائب البيتين، و لم يردّ سلاما، و جعل يغمز ابن جندب أن يخبره
بالقصة، و ابن جندب يتغافل، فقال لابن جندب: ما لأبي السائب، فجعل أبو السائب،
يغمز ابن جندب أن يخبره بيميني.