قال ابن الكلبي: حدّثني
أبي قال: فعاش هرم حتى أدرك سلطان عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه، فسأله عمر فقال:
يا هرم، أيّ الرجلين كنت مفضلا لو فضلت؟ فقال: لو قلت ذاك يا أمير المؤمنين لعادت
جذعة، و لبلغت شعاف هجر. فقال عمر: نعم مستودع السّرّ و مسند الأمر إليه أنت يا
هرم، مثل هذا فليسد العشيرة. و قال: إلى مثلك فليستبضع القوم أحكامهم.
و قد أدرك علقمة بن علاثة
الإسلام، فأسلم، ثم ارتد فيمن ارتد من العرب. فلما وجه أبو بكر خالد بن الوليد
المخزومي إلى بني كلاب ليوقع بهم، و علقمة يومئذ/ رئيسهم، هرب و أسلم، ثم أتى أبا
بكر رضي اللّه عنه، فأعلمه أنه قد نزع عما كان عليه، فقبل إسلامه و أمّنه. هكذا
ذكر المدائنيّ.
و أما سيف بن عمر فإنه روى
عن الكوفيين غير ذلك.
حدثنا محمد بن جرير
الطبريّ قال: حدثنا السريّ بن يحيى، قال: حدثنا شعيب بن إبراهيم، عن سيف بن عمر،
عن سهل بن يوسف، قال:
كان علقمة بن علاثة على
كلاب و من لافّها [2]، و قد كان علقمة أسلم ثم ارتد في حياة النبيّ صلّى اللّه
عليه و سلّم، ثم خرج بعد فتح الطائف، حتى لحق بالشام مرتدا، فلما توفي النبي صلّى
اللّه عليه و سلّم أقبل مسرعا، حتى عسكر في بني كعب، مقدّما رجلا و مؤخرا أخرى، و
بلغ ذلك أبا بكر رضي اللّه عنه، فبعث إليه سريّة، و أمّر عليها القعقاع بن عمرو، و
قال: يا قعقاع، سر حتى تغير على علقمة بن علاثة، لعلك تأخذه لي/ أو تقتله. و اعلم
أن شفاء النفس الحوص، فاصنع ما عندك.
فخرج في تلك السرية حتى
أغار على الماء الذي عليه علقمة، و كان لا يبرح أن يكون على رحل، فسابقهم على فرسه
مراكضة، و أسلم أهله و ولده، و استبى القعقاع امرأة علقمة و بناته و نساءه و من
أقام من الرجال، فاتقوه بالإسلام، فقدم بهم على أبي بكر رضي اللّه عنه، فجحدت
زوجته و ولده أن يكونوا مالئوا علقمة على أمره، و كانوا مقيمين في الدار، و لم يكن
بلغه عنهم غير ذلك. و قالوا لأبي بكر: ما ذنبنا نحن فيما صنع علقمة؟ فأرسلهم، ثم
أسلم علقمة، فقبل ذلك منه.
نهى النبي حسان عن
إنشاده هجاء علقمة
أخبرنا الحرمي بن أبي
العلاء قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثنا عمرو بن عثمان قال:
/ كان
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم ربما حدّث أصحابه، و ربما تركهم يتحدثون و يصغي
إليهم و يبتسم، فبينا هم يوما على ذلك يتذاكرون الشعر و أيام العرب، إذ سمع حسان
بن ثابت ينشد هجاء أعشى بني قيس بن ثعلبة، علقمة بن علاثة، و مديحه عامر بن
الطفيل:
[1]
كذا في ف، و في بقية الأصول «قال أبو الفرج
الأصبهاني».
[2]
لافها: كذا في ف. و في الأصول:
والاها. و هما بمعنى واحد.