ثم دفعها إلى الرسول، و
قال له ضعها في الموضع الذي أخذتها منه. فردها الرسول في موضعها. فلما كان من الغد
أخذها العباس، فنظر فيها، فلما قرأ الأبيات غضب، و قام من وقته، فركب إلى الرشيد،
و كان أثيرا عنده، يبجّله و يقدمه، و كان قد همّ أن يخطب إليه ابنته، فرأى الكراهة
في وجهه، فقال: ما شأنك؟ قال: هجاني ربيعة الرّقيّ.
فأحضر، فقال له الرشيد: يا
ماصّ كذا و كذا من أمه، أ تهجو عمي، و آثر الخلق عندي، لقد هممت أن أضرب عنقك.
فقال: و اللّه يا أمير المؤمنين، لقد مدحته بقصيدة ما قال مثلها أحد من الشعراء،
في أحد من الخلفاء، و لقد بالغت في الثناء، و أكثرت في الوصف، فإن رأى أمير
المؤمنين أن يأمره بإحضارها. فلما سمع الرشيد ذلك منه سكن غضبه، و أحب أن ينظر في
القصيدة، فأمر/ العباس بإحضار الرقعة، فتلكأ عليه العباس ساعة، فقال له الرشيد:
سألتك بحق أمير المؤمنين إلا أمرت بإحضارها، فعلم العباس أنه قد أخطأ و غلط، فأمر
بإحضارها فأحضرت، فأخذها الرشيد و إذا فيها القصيدة بعينها، فاستحسنها و استجادها،
و أعجب بها، و قال: و اللّه ما قال أحد من الشعراء في أحد من الخلفاء مثلها، لقد
صدق ربيعة و برّ. ثم قال للعباس: كم أثبته عليها؟ فسكت العباس:
و تغير لونه، و جرض بريقه،
فقال ربيعة: أثابني عليها يا أمير المؤمنين بدينارين، فتوهم الرشيد أنه قال ذلك
من