أخبرني أحمد قال: حدثنا
ابن مهرويه، عن عبد الرّحيم بن أحمد:
أن ابن دراج صار إلى باب
عليّ بن زيد، أيام كان يكتب للعباس بن المأمون، فحجبه الحاجب، و قال: ليس هذا
وقتك، قد رأيت القواد يحجبون، فكيف يؤذن لك أنت؟ قال: ليست سبيلي سبيلهم، لأنه يحب
أن يراني، و يكره أن يراهم، فلم يأذن له. فبيناهما على ذلك إذ خرج عليّ بن زيد،
فقال: ما منعك يا أبا سعيد أن تدخل؟
فقال: منعني هذا البغيض.
فالتفت إلى الحاجب، فقال: بلغ بك بغضك أن تحجب هذا؟ ثم قال: يا أبا سعيد، ما أهديت
إليّ من النوادر؟ قال: مرت بي جنازة و معي ابني، و مع الجنازة امرأة تبكيه تقول:
بك يذهبون إلى بيت لا فرش فيه و لا وطاء،/ و لا ضيافة و لا غطاء؛ و لا خبز فيه و
لا ماء. فقال لي ابني: يا أبة، إلى بيتنا و اللّه يذهبون بهذه الجنازة. فقلت له: و
كيف ويلك! قال: لأن هذه صفة بيتنا. فضحك عليّ و قال: قد أمرت لك بثلاثة مائة درهم.
قال: قد وفّر اللّه عليك
نصفها على أن أتغدى معك. قال: و كان عثمان مع تطفيله أشره الناس، فقال: هي عليك
موفّرة كلها، و تتغدّى معنا.
لذة التطفيل
و عثمان ابن دراج الذي
يقول:
لذة التطفيل دومي
و أقيمي لا تريمي
أنت تشفين غليلي
و تسلّين همومي
/ عود إلى الرقاشي:
خضاب الرقاشي
أخبرني محمد بن الحسن بن
دريد قال: حدثنا العكليّ قال:
دخل الرقاشيّ على بعض
أمراء الصدقة، فقال له: قد أصبح خضابك قانيا. قال: لأني أمسيت له معانيا.
قال: و كيف تفعله؟ قال:
أنعم الحناء عجنا، و أجعل ماءه سخنا، و أروّي شعري قبله دهنا، فإن بات قنا [1]، و
إن لم يفعل أغنى.
صوت
من لعين رأت خيالا
مطيفا
واقفا هكذا علينا وقوفا
طارقا موهنا ألم فحيا
ثم ولّى فهاج قلبا ضعيفا
ليت نفسي و ليت أنفس
قومي
يا يزيد الندى تقيك الحتوفا
عتكي مهلّبيّ كريم
حاتمي قد نال فرعا منيفا
عروضه من الخفيف، و الشعر
لربيعة الرقي يمدح يزيد بن حاتم المهلبي. و الغناء لعبد الرّحيم الرف [2]، خفيف
رمل بالوسطى، عن عمرو.
[1]
في «اللسان» فغلفها بالحناء. و الكتم حتى قنا لونها: أي احمر،
يقال: قنا لونها يقنو قنوا، و هو أحمر قان. و في الأصول «قنى».