فدخلوا عليه، فقال له كعب
بن مالك: يا أمير المؤمنين؛ أخبرنا عن عثمان: أقتل ظالما، فنقول بقولك؟ أم قتل
مظلوما، فنقول بقولنا، و نكلك إلى الشبهة فيه، فالعجب من تيقننا و شكك، و قد زعمت
العرب أن عندك علم ما اختلفنا فيه، فهاته نعرفه، ثم قال:
كفّ يديه ثم أغلق
بابه
و أيقن أن اللّه ليس بغافل
و قال لمن في داره:
لا تقاتلوا
عفا اللّه عن كل امرئ لم يقاتل
فكيف رأيت اللّه صبّ
عليهم ال
عداوة و البغضاء بعد التواصل
و كيف رأيت الخير
أدبر عنهم
و ولّى كإدبار النعام الجوافل
/ فقال لهم عليّ عليه السّلام: لكم عندي ثلاثة أشياء:
استأثر عثمان فأساء الأثرة، و جزعتم فأسأتم الجزع، و عند اللّه ما تختلفون فيه إلى
يوم القيامة. فقالوا: لا ترضى بهذا العرب، و لا تعذرنا به. فقال عليّ عليه
السّلام:
أ تردون عليّ بين ظهراني
المسلمين، بلا بيّنة صادقة، و لا حجة واضحة؟ اخرجوا عني، و لا تجاوروني في بلد أنا
فيه أبدا. فخرجوا من يومهم، فساروا حتى أتوا معاوية، فقال لهم: لكم الولاية و
الكفاية. فأعطى حسان بن ثابت ألف دينار، و كعب بن مالك ألف دينار، و ولى النّعمان
بن بشير حمص، ثم نقله إلى الكوفة بعد.
بيته في الشجاعة
أخبرني عمي قال: حدثنا
أحمد بن الحارث، قال: حدّثنا المدائنيّ عن عبد الأعلى القرشيّ قال:
قال معاوية يوما لجلسائه:
أخبروني بأشجع بيت وصف به رجل قومه. فقال له روح بن زنباع: قول كعب بن مالك:
نصل السيوف إذا قصرن
بخطونا
قدما و نلحقها إذا لم تلحق
فقال له معاوية: صدقت.
أبوه و شعره
و أما أبوه مالك بن أبي
كعب، أبو كعب بن مالك، فإني أذكر قبل أخباره شيئا مما يغنّى فيه من شعره، فمن ذلك
قوله:
صوت
/
لعمر أبيها لا تقول حليلتي:
ألا فرّ عني مالك بن أبي كعب
و هم يضربون الكبش
يبرق بيضه
ترى حوله الأبطال في حلق شهب
/ الشعر لمالك بن أبي كعب. و الغناء لمالك، ثقيل أول
بالبنصر، عن يونس و الهشاميّ. و فيه لإبراهيم خفيف ثقيل بالوسطى، جميعا عن
الهشاميّ. و زعم ابن المكيّ أن خفيف الثقيل هو لحن مالك.
الخصومة بين أبيه و برذع
بن عدي
و هذا الشعر يقوله مالك بن
أبي كعب في حرب كانت بينه و بين رجل من بني ظفر، يقال له برذع بن عديّ.