فقال: يا بنت رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و سلّم، إن لي عليك حقا عظيما. ضربت إليك من مكة أريد التسليم
عليك، فكان في دخولي إليك تكذيبي و منعك إياي أن أسمعك [1]، و بي ما قد عيل معه
صبري، و هذه المنايا تغدو و تروح، و لعلي لا أفارق المدينة حتى أموت، فإن/ أنا مت
فمري أن أدرج في كفني، و أدفن في حر تلك الجارية، يعني الجارية التي أعجبته، فضحكت
سكينة، و أمرت له بالجارية، فخرج بها آخذا بريطتها، و أمرت الجواري أن يدفعن في أقفائهما،
ثم قالت:
يا فرزدق، أحسن صحبتها،
فإني آثرتك بها على نفسي.
موت سكينة و الصلاة
عليها
أخبرني أحمد بن عبيد اللّه
بن عمار، و أحمد بن عبد اللّه العزيز الجوهريّ، قالا: حدّثنا عليّ بن محمد
النوفليّ [2]، قال: حدثني أبي عن أبيه و عمومته و جماعة من شيوخ بني هاشم:
أنه لم يصلّ على أحد بعد
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بغير إمام إلا سكينة بنت الحسين عليه السلام،
فإنها ماتت و على المدينة خالد بن عبد الملك، فأرسلوا إليه، فآذنوه بالجنازة، و
ذلك في أول النهار في حر شديد، فأرسل إليهم: لا تحدثوا حدثا حتى أجيء فأصلي
عليها، فوضع النعش في موضع المصلّى على الجنائز، و جلسوا ينتظرونه حتى جاءت الظهر،
فأرسلوا إليه، فقال: لا تحدثوا فيها شيئا حتى أجيء، فجاءت العصر، ثم لم يزالوا
ينتظرونه حتى صليت العشاء، كل ذلك يرسلون إليه،/ فلا يأذن لهم حتى صليت العتمة و
لم يجيء، و مكث الناس جلوسا حتى غلبهم النعاس، فقاموا فأقبلوا يصلون عليها جمعا
جمعا و ينصرفون، فقال عليّ بن الحسين عليه السلام: من أعان بطيب رحمه اللّه! قال:
و إنما أراد خالد بن عبد الملك، فيما ظن قوم، أن تنتن. قال: فأتي بالمجامر، فوضعت
حول النعش، و نهض ابن أختها محمد بن عبد اللّه العثماني، فأتى عطّارا كان يعرف
عنده عودا، فاشتراه منه بأربعمائة دينار، ثم أتى به، فسجر حول السرير، حتى أصبح و
قد فرغ منه، فلما صلّيت الصبح أرسل إليهم: صلوا عليها و ادفنوها. فصلى عليها شيبة
ب نصاح [3].
و ذكر يحيى بن الحسين في
خبره: أن عبد اللّه بن حسن هو الذي ابتاع لها العود بأربعمائة دينار.