responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 16  صفحه : 365

الركوب إلا في مسايرة خليفة أو أمير أو يوم زينة؛ و له سرج يصونه، لا يركب به غير ذلك الفرس. و كان معه طيب لا يتطيب به إلا في مثل ذلك اليوم الذي يركب فيه؛ و حلّة موشية يصونها عن اللّبس إلا في يوم يريد التجمّل/ فيه بها.

فحج مع سليمان، و كانت له عنده حوائج كثير، فقضاها و وصله، و أجزل صلته. و انصرف سليمان من حجّه، و لم يسلك طريق المدينة. و انصرف بن عثمان يريد المدينة، فنزل على ماء لبني عامر بن صعصعة. و دعا أشعب، فأحضره و صرّ صرّة فيها أربعمائة دينار، و أعلمه أنه ليس بينه و بين العرج إلا أميال؛ و أنه إن أذن له في المسير إليها، و المبيت بها عند جواريه، غلّس إليه، فوافى وقت ارتحال الناس، و وهب له أربعمائة الدينار. فقبل يده و رجله، و أذن له في السير إلى حيث أحب، و حلف له أنه يحلف لسكينة بالأيمان المحرجة، أنه ما سار إلى العرج، و لا اتخذ جارية منذ فارق سكينة إلى أن رجع إليها. فدفع إليه مولاه الدنانير و مضى.

/ قال أبو إسحاق: قال ابن أشعب: حدّثني أبي أنه لا يتوهم أن مولاه سار نصف ميل حتى رأى في الماء الذي كان عليه رحل زيد جاريتين عليهما قربتان. فألقتا القربتين، و ألقتا ثيابهما عنهما، و رمتا بأنفسهما في الغدير، و عامتا فيه، و رأى من مجرّدهما ما أعجبه و استحسنه. فسألهما عند خروجهما من الماء عن نسبهما. فأعلمتاه أنهما من إماء نسوة خلوف، لبني عامر بن صعصعة، هن بالقرب من ذلك الغدير. فسألهما: هل سبيل إلى مولياتهما، لمحادثة شيخ حسن الخلق، طيب العشرة، كثير النوادر؟ فقالتا: و أنى لهن بمن هذه صفته؟ فقال لهما: أنا ذاك. فقالتا:

انطلق معنا. فوثب إلى فرس زيد، فأسرجه بسرجه الذي كان يسرجه به و يركبه، و دعا بحلته التي كان يضن بها فلبسها، و أحضر السّفط الذي كان فيه طيبه، فتطيب منه، و ركب الفرس، و مضى معهما حتى وافى الحيّ، فأقام في محادثة أهله إلى قرب وقت صلاة العصر. فأقبل في ذلك الوقت رجال الحيّ، و قد انصرفوا غانمين من غزاتهم، و أقبلت تمر به الرّعلة بعد الرّعلة، فيقفون به فيقولون: ممن الرجل؟ فينتسب في نسب زيد، فيقول كل من اجتاز به:

ما نرى به بأسا. و ينصرفون عنه. إلى قرب غروب الشمس، فأقبل شيخ فان على حجر هرمة هزيل، ففعل مثل ما كان يفعل من اجتاز، فسأله مثلما يسألون عنه، فأخبره بمثل ما كان يخبر من تقدمه، فقال مثل قولهم.

قال ابن أشعب: قال أبي: ثم رأيت الشيخ قد وقف بعد قوله، فأوجست منه خيفة، لأني رأيته قد جعل يده اليسرى تحت حاجبيه، فرفعهما، ثم استدار ليرى وجهي. فركبت الفرس، فما استويت عليه حتى سمعته يقول:

أقسم باللّه ما هذا قرشيّ، و ما هذا إلا وجه عبد. فركضت و ركض خلفي، فرأى حجره/ مقصرة [1]. فلما يئس من اللحاق بي، انتزع سهما فرماني به، فوقع في مؤخرة السرج، فكسرها. و دخلتني من صوته روعة [2] أحدثت لها في الحلة. و وافيت رحل مولاي، فغسلت الحلّة و نشرتها، فلم تجف ليلا. و غلّس مولاي من العرج، فوافاني في وقت الرحيل، فرأى الحلة منشورة، و مؤخرة السرج مكسورة، و الفرس قد أضر بها الركض، و سفط الطيب مكسور الختم [3]. فسألني عن السبب، فصدقته. فقال لي: ويحك! أ ما كفاك ما صنعت بي حتى انتسبت في نسبي، فجعلتني [4] عند أشراف قومي من العرب جمّاشا [4]، و سكت عني، فلم يقل لي: أحسنت و لا أسأت حتى وافينا


[1] كذا في ف، مب. و في الأصول: فركضت فرسي و هو يقول: من أنت؟ و اتبعني.

[2] كذا في ف، مب. و في الأصول: و دخلتني روعة من ضربته أحدثت لها.

[3] كذا في ف. و في الأصول: مفضوض الخاتم. و في مب: مكسورا مفضوض الخاتم.

(4- 4) العبارة عن ف، مب. و الجماش: الذي يغازل النساء و يلاعبهن.

نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 16  صفحه : 365
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست