هو سديف بن ميمون مولى
خزاعة. و كان سبب ادعائه ولاء بني هاشم أنه تزوّج مولاه لآل أبي لهب، فادعى
ولاءهم، و دخل في جملة مواليهم على الأيام. و قيل: بل أبوه هو كان المتزوّج مولاة
اللّهبيين، فولدت منه سديفا.
فلما يفع، و قال الشعر، و
عرف بالبيان و حسن العارضة، ادّعى الولاء في موالي أبيه، فغلبوا عليه.
حجازي متعصب لبني هاشم
و سديف شاعر مقلّ، من
شعراء الحجاز، و من مخضرمي الدولتين، و كان شديد التعصّب لبني هاشم، مظهرا لذلك في
أيام بني أمية. فكان يخرج إلى أحجار صفا في ظهر مكة، يقال لها صفيّ السّباب، و
يخرج مولى لبني أمية معه يقال له سبّاب [2]، فيتسابان و يتشاتمان، و يذكران المثالب
و المعايب. و يخرج معهما من سفهاء الفريقين من يتعصب لهذا و لهذا. فلا يبرحون حتى
تكون بينهم الجراح و الشّجاج، و يخرج السلطان إليهم فيفرقهم، و يعاقب الجناة. فلم
تزل تلك العصبية بمكة حتى شاعت في العامة و السّفلة. فكانوا صنفين، يقال [3] لهما
السّديفية و السّبّابية، طول أيام بني أمية. ثم انقطع ذلك في أيام بني هاشم، و
صارت العصبية بمكة في الحناطين و الحرّارين [4].
بينه و بين أبي جعفر
المنصور و قد سمع قصيدة له
أخبرني عمر بن عبيد اللّه
بن جميل [5] العتكي، و أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ، قالا: حدّثنا عمر بن شبّة
قال: حدّثني فيلح بن إسماعيل قال:
/ قال
سديف قصيدة يذكر فيها أمر بني حسن بن حسن [6]، و أنشدها المنصور بعد قتله لمحمد بن
عبد اللّه بن حسن. فلما أتى على هذا البيت:
يا سوأتا للقوم لا
كفّوا و لا
إذ حاربوا كانوا من الأحرار
فقال له المنصور: أ تحضهم
[7] عليّ يا سديف؟ فقال: لا، و لكني أؤنبهم يا أمير المؤمنين.