responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 16  صفحه : 317

له: فو اللّه إني لآكل الجذعة، و أشرب التّبن من اللبن رثيئة و [1] صرفا، فلم تقول هذا يا أمير المؤمنين؟ فقال له عمر:

أي أحياء قومك خير؟ قال: مذحج، و كل قد كان فيه خير، شداد فوارسها، فوارس أبطالها، أهل الربا و الرباح [2].

قال عمر: و أين سعد العشيرة؟ قال: هم أشدنا شريسا،/ و أكثرنا خميسا [3]، و أكرمنا رئيسا، و هم الأوفياء البررة، المساعير [4] الفجرة. قال عمر: يا أبا ثور، أ لك علم بالسلاح؟ قال: على الخبير سقطت، سل عما بدا لك. قال:

أخبرني عن النّبل. قال: منايا تخطئ و تصيب. قال: فأخبرني عن الرمح قال: أخوك و ربما خانك. قال: فأخبرني عن التّرس. قال: ذاك مجنّ و عليه تدور الدوائر. قال: أخبرني عن الدرع. قال: مشغلة للفارس، متعبة للراجل.

قال: أخبرني عن السيف. قال: عنه قارعتك [5] لأمك الهبل، قال: لا، بل لأمك. قال عمرو: بل لأمك، فرفع عمر الدّرّة، فضرب بها عمرا، و كان عمرو محتبيا، فانحلت حبوته، فاستوى قائما، و أنشأ يقول:

أ تضربني كأنك ذو رعين‌

بخير معيشة أو ذو نواس [6]

فكم ملك قديم قد رأينا

و عز ظاهر الجبروت قاسي [7]

فأضحى أهله بادوا و أضحى‌

ينقّل من أناس في أناس [8]

/ قال: صدقت يا أبا ثور، و قد هدم ذلك كله الإسلام، أقسمت عليك لما جلست. فجلس. فقال له عمر: هل كععت [9] من فارس قط ممن لقيت؟ قال:

اعلم يا أمير المؤمنين، أني لم أستحل الكذب في الجاهلية، فكيف أستحله في الإسلام؟ و لقد قلت لجبهة من خيلي، خيل بني زبيد، أغيروا بنا على بني البكّاء. فقالوا: بعيد علينا المغار. فقلت: فعلى بني مالك بن كنانة، قال: فأتينا على/ قوم سراة. فقال عمر: ما علمك بأنهم سراة. قال: رأيت مزاود خيلهم كثيرة، و قدورا مثفّاة [10]، و قباب أدم، فعرفت أن القوم سراة. فتركت خيلي حجرة [11]، و جلست في موضع أتسمع كلامهم، فإذا بجارية منهم‌


[1] الجذعة من الغنم: ما تكون سنها بين ستة أشهر و سنة. و التبن: القدح الكبير. و الرثيئة: اللبن الحليب يصب عليه اللبن الحامض، فيروب من ساعته. و الصريف: اللبن الذي ينصرف عن الضرع حارا وقت حلبه.

[2] الربا و الرباح: النماء و الكثرة. و لعله يريد أنهم ذوو عدد وفير، أو ذوو مال كثير، أو أنهم يجزلون العطاء لمن يصنع إليهم خيرا.

[3] الشريس: الشراسة، و هي عسر الخلق و الشدة. و الخميس: الجيش. و في «اللسان» هم أعظمنا خميسا، و أشدنا شريسا.

[4] المساعير: جمع مسعر (بكسر الميم و فتح العين)، و مسعر الحرب: موقدها و مهيجها، و هو من صيغ المبالغة.

[5] المقارعة: أصلها المضاربة بالسيوف في الحرب، و لعل المقصود بها هنا: المصاولة باللسان. و ظاهر العبارة أن عمرا يرى أن السيف هو أعظم السلاح، بدليل قوله فيما نقله الأبشيهي في «المستطرف» في وصف السيف (1: 22) «هو العدة عند الشدة». و انظر «سرح العيون، في شرح رسالة ابن زيدون» (ص 312).

[6] في «مروج الذهب» للمسعودي (1: 217 دار الرجاء): أ توعدني ... بأنعم عيشة.

[7] في «مروج الذهب»:

فكم قد كان قبلك من مليك‌

عظيم ظاهر ....

[8] الشطر الأول في «مروج الذهب» «فأصبح أهله بادوا و أمسى». و زاد بعده البيت:

فلا يغررك ملكك كل ملك‌

يصير مذلة بعد الشماس‌

. [9] كععت: ضعفت و جبنت.

[10] مثفاة: منصوبة على الأثافي، استعدادا للطبخ.

[11] حجرة: جانبا و ناحية.

نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 16  صفحه : 317
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست