responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 15  صفحه : 36

و كانت الآطام هي عزّهم و منعتهم و حصونهم التي يتحرّزون فيها من عدوّهم. و يزعمون أنّه لما بناه أشرف هو و غلام له، ثم قال: لقد بنيت حصنا حصينا ما بنى مثله رجل من العرب أمنع و لا أكرم، و لقد عرفت موضع حجر منه لو نزع لوقع جميعا! فقال غلامه: أنا أعرفه. فقال: فأرنيه يا بنيّ. قال: هو هذا. و صرف إليه رأسه، فلما رأى أحيحة أنّه قد عرفه دفعه من رأس الأطم فوقع على رأسه فمات، و إنّما قتله إرادة ألّا يعرف ذلك الحجر أحد. و لمّا بناه قال:

بنيت بعد مستظلّ ضاحيا

بنيته بعصبة [1] من ماليا

و السرّ مما يتبع القواصيا [2]

أخشى ركيبا أو رجيلا عاديا [3]

و كان أحيحة إذا أمسى جلس بحذاء حصنه الضّحيان، ثم أرسل كلابا له تنبح دونه على من يأتيه ممّن لا يعرف، حذرا أن يأتيه عدوّ يصيب منه غرّة؛ فأقبل عاصم بن عمرو يريده في مجلسه ذلك ليقتله بأخيه، و قد أخذ معه تمرا، فلما نجته/ الكلاب حين دنا منه ألقى لها التمر فوقفت، فلمّا رآها أحيحة قد سكنت حذر فقام فدخل حصنه، و رماه عاصم بسهم فأحرزه منه الباب [4]، فوقع السّهم بالباب، فلما سمع أحيحة وقع السّهم صرخ في قومه، فخرج عاصم بن عمرو، فأعجزهم حتّى أتى قومه. ثمّ إنّ أحيحة جمع لبني النجّار، فأراد أن يغترّهم فواعدهم و قومه لذلك [5]، و كانت عند أحيحة سلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد بن خداش إحدى نساء بني عديّ بن النجار، له منها عمرو بن أحيحة، و هي أمّ عبد المطلب بن هاشم، خلف عليها هاشم بعد أحيحة، و كانت امرأة شريفة لا تنكح الرجال إلّا و أمرها بيدها، إذا كرهت من رجل شيئا تركته.

فزعم ابن إسحاق أنّه حدّثه أيوب بن عبد الرحمن [6]، و هو أحد رهطها، قال: حدّثني شيخ منّا أنّ أحيحة لمّا أجمع بالغارة على قومها و معها ابنها عمرو بن أحيحة، و هو يومئذ فطيم أو دون الفطيم، و هو مع أحيحة في حصنه عمدت إلى ابنها فربطته بخيط، حتّى إذا أوجعت الصبيّ تركته فبات يبكي، و هي تحمله؛ و بات أحيحة معها ساهرا، يقول: ويحك ما لابني؟ فتقول: و اللّه ما أدري ما له. حتّى إذا ذهب اللّيل أطلقت الخيط عن الصبيّ فنام. و ذكروا أنّها ربطت رأس ذكره، فلما هدأ الصبيّ قالت: وا رأساه! فقال: أحيحة: هذا و اللّه ما لقيت من سهر هذه الليلة.

فبات يعصب لها رأسها و يقول: ليس بك بأس. حتّى إذا لم يبق من الليل إلا أقلّه قالت له: قم فنم، فإنّي أجدني [7] صالحة قد ذهب عنّي ما كنت/ أجده. و إنما فعلت به ذلك ليثقل رأسه، و ليشتدّ نومه على طول السّهر. فلما نام قامت و أخذت حبلا شديدا و أوثقته برأس الحصن، ثم تدلّت منه و انطلقت إلى قومها، فأنذرتهم و أخبرتهم بالذي أجمع هو و قومه من ذلك، فحذر القوم و أعدّوا و اجتمعوا. فأقبل أحيحة في قومه فوجد القوم على حذر قد


[1] ط، مب، مط «بقودة».

[2] ما عدا ط، ح، مب، مط «للستر مما يتبع القواصيا».

[3] الركيب: مصغر ركب، و هم الجماعة الراكبون. و الرجيل: مصغر الرجل، بالفتح، و هم الجماعة الراجلون.

[4] هذا الصواب من ح، ط، مب، مط. و في سائر النسخ «فأحرز منه الباب».

[5] فيما عدا ط، ح، مب، مط «فواعده قومه لذلك».

[6] ما عدا ط، ح، مب، مط «أن جدّه أيوب بن عبد الرحمن»، تحريف.

[7] ما عدا ط، ح، مب، مط «أجد في صالحة» محرّف.

نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 15  صفحه : 36
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست