أخبرني محمد بن مزيد [2]
قال: أخبرني حمّاد بن إسحاق عن أبيه، قال: حدّثني أبو البختري عن أبي إسحاق، قال:
أخبرني أيوب بن عبد الرحمن:
أنّ رجلا من بني مازن بن
النجار يقال له كعب بن عمرو، تزوّج امرأة من بني سالم بن عوف [3] فكان يختلف
إليها، فقعد له رهط من بني جحجبى بمرصد، فضربوه حتّى قتلوه أو كادوا، فأدركه
القوافل [4] فاستنقدوه؛ فلما بلغ ذلك أخاه عاصم بن عمرو خرج و خرج معه بنو النجّار
و خرج أحيحة بن الجلاح ببني عمرو بن عوف، فالتقوا بالرّحابة [5]، فاقتتلوا قتالا
شديدا، فقتل أخا عاصم يومئذ أحيحة بن الجلاح، و كان يكنى أبا وحوحة، فأصابه في
أصحابه حين انهزموا، و طلب عاصم أحيحة حتّى انتهى إلى البيوت، فأدركه عاصم عند باب
داره فزجّه بالرمح، و دخل [6] أحيحة الباب، و وقع الرّمح في الباب، و رجع عاصم و
أصحابه فمكث أياما. ثم إنّ عاصما طلب أحيحة ليلا ليقتله في داره، فبلغ ذلك أحيحة،
و قيل له إنّ عاصما قد رئي البارحة عند الضّحيان [7] و الغابة [8]- و هي أرض
لأحيحة، و الضّحيان: أطم له- و كان أحيحة إذ ذاك سيّد قومه من الأوس، و كان رجلا
صنعا للمال [9]، شحيحا عليه، يبيع [10] بيع الربا بالمدينة، حتّى كاد يحيط
بأموالهم، و كان له تسع و تسعون بعيرا [11] كلّها ينضح/ عليها، و كان له بالجرف
أصوار [12] من نخل قلّ يوم يمرّ به إلّا يطّلع فيه، و كان له أطمان: أطم في قومه/
يقال له المستظلّ، و هو الذي تحصّن فيه حين قاتل تبّعا أسعد أبا كرب الحميريّ، و
أطمه الضّحيان بالعصبة [13] في أرضه التي يقال لها الغابة [14] بناه بحجارة سود و
بنى عليه نبرة [15] بيضاء مثل الفضّة، ثم جعل عليها مثلها، يراها الراكب من مسيرة
يوم أو نحوه،