له الآن شعب بن عامر
فاصطلحوا هناك، و سلّموا الأمر إلى مضاض؛ فلمّا اجتمع له أمر مكّة، و صار ملكها
دون السّميدع نحر للناس فطبخوا هناك الجزر، فأكلوا، و سمّي ذلك الموضع المطابخ.
فيقال: إنّ هذا أوّل بغي بمكة، فقال مضاض بن عمرو في تلك الحرب [1]:
و حدّثني بعض أهل العلم
أنّ سيلا جاء فدخل البيت فانهدم، فأعادته جرهم على بناء إبراهيم، بناه لهم رجل
منهم يقال له أبو الجدرة و اسمه عمر الجارود، و سمّي بنوه الجدرة. قال: ثم استخفّت
جرهم بحقّ البيت، و ارتكبوا فيه أمورا عظاما، و أحدثوا فيه أحداثا قبيحة، و كان
للبيت خزانة، و هي بئر في بطنه، يلقى فيها الحلي و المتاع الذي يهدى له، و هو
يومئذ لا سقف عليه، فتواعد عليه خمسة من جرهم أن يسرقوا كلّ ما فيه، فقام على كلّ
زاوية من البيت رجل منهم و اقتحم الخامس، فجعل اللّه عزّ و جلّ أعلاه أسفله، و سقط
منكّسا فهلك، و فرّ الأربعة الآخرون.
خبر إساف و نائلة:
قالوا: و دخل إساف و نائلة
[4] البيت ففجرا فيه، فمسخهما اللّه حجرين، فأخرجا من البيت. و قيل إنّه لم يفجر
بها في البيت، و لكنه قبّلها في البيت.
و ذكر عثمان بن ساج عن أبي
الزناد، أنه إساف بن سهيل، و أنها نائلة بنت عمرو بن ذئب. و قال غيره: إنها نائلة
بنت ذئب. فأخرجا من الكعبة، و نصبا ليعتبر بهما من رآهما، و يزدجر النّاس عن مثل
ما ارتكبا، فلما غلبت خزاعة على مكة و نسي حديثهما، حوّلهما عمرو بن لحيّ بن كلاب
بعد ذلك؛ فجعلها تجاه الكعبة يذبح عندهما عند موضع زمزم.
[1]
الكلام بعده إلى قوله «ثم رموا بالجدب من
خلفهم» ساقط من ط.