العبّاس يذكر جلاء بني النّضير و يبكيهم بقوله:
لو ان قطين الدّار لم يتحمّلوا
وجدت خلال الدار ملهى و ملعبا [1]
فإنّك عمري هل رأيت ظعائنا
سلكن على ركن الشظاة فميثبا [2]
[عليهنّ عين من ظباء تبالة
أوانس يصبين الحليم المجرّبا [3]]
إذا جاء باغي الخير قلن بشاشة
له بوجوه كالدنانير: مرحبا
[و أهلا فلا ممنوع خير طلبته
و لا أنت تخشى عندنا أن تؤنّبا] [3]
فلا تحسبنّي كنت مولى ابن مشكم
سلام و لا مولى حييّ بن أخطبا [4]
فقال خوّات بن جبير يجيب العبّاس:
أ تبكي على قتلى يهود و قد ترى
من الشّجو لو تبكي أحقّ و أقربا
/ فهلّا على قتلى ببطن أوارة
بكيت و ما تبكي من الشجو مغضبا
إذا السّلم دارت في الصديق رددتها
و في الدّين صدّادا و في الحرب ثعلبا [5]
و إنك لما أن كلفت بمدحة
لمن كان مينا مدحه و تكذّبا [6]
و جئت بأمر كنت أهلا لمثله
و لم تلف فيهم قائلا لك مرحبا
فهلّا إلى قوم ملوك مدحتهم
بنوا من ذرا المجد المقدّم منصبا
إلى معشر سادوا الملوك و كرّموا
و لم يلف فيهم طالب الحق مجدبا [7]
أولئك أولى من يهود بمدحة
تراهم و فيهم عزّة المجد ترتبا [8]
فقال عبّاس بن مرداس يجيبه:
هجوت صريح الكاهنين و فيكم
لهم نعم كانت من الدهر ترتبا [9]
أولئك أحرى إن بكيت عليهم
و قومك لو أدّوا من الحقّ موجبا
[1] القطين: أهل الدار. تحملوا: ارتحلوا.
[2] في الأصول «السطاة فأثأبا» و هو تحريف. و التصويب عن «معجم ما استعجم» ج 3: ص 798، و الشظاة بفتح أوله: موضع قبل خيبر، ورد ذكره في «أشعار المغازي». و ميثب: من خيبر هو موضع صدقات رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم.
[3] سقط هذا البيت من ب، س، ج و قد أثبتناه عن ها.
[4] في ب، س، ج «سلم» و هو تحريف. و المولى: الحليف و الصاحب. و حييّ بن أخطب: سيد بني النضير.
[5] في ب، س، ج «مداحا» و التصويب عن «السيرة» لابن هشام.
[6] في ج «عنا».
[7] في ب، س، ج «محدبا» و هو تصحيف.
[8] في ها «أحرى». و الترتب (بضم التاء الأولى و ضم الثانية و فتحها): الشيء المقيم الثابت. و في الأصول «و فيهم طابع اللؤم».
و التصويب عن «السيرة النبوية».
[9] الصريح: الخالص النسب. و الكاهنان: يطلقان على قريظة و النضير.