قال: فأمر له يزيد بدرع و
سيف و رمح و فرس، و قال له: قد عرفت ما شرطت لنا على نفسك؟ فقال: أصلح اللّه
الأمير، حجّتي بيّنه، و هي قول اللّه عزّ و جلّ:/وَ الشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ
الْغاوُونَ. أَ لَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ. وَ أَنَّهُمْ
يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ. فقال [له] [1] ثابت قطنة: ما أعجب ما وفدت به من
بلدك في تسعين ليلة! مدحت الأمير ببيتين، و سألته حوائجك في عشرة أبيات، و ختمت
شعرك ببيت تفخر عليه فيه، حتى إذا أعطاك ما أردت حدت عمّا شرطت له على نفسك
فأكذبتها كأنّك كنت تخدعه، فقال له يزيد: مه يا ثابت، فإنّا لا نخدع، و لكنا
نتخادع، و سوّغه [2] ما أعطاه، و أمر له بألفي درهم. و لجّ حاجب يهجو ثابتا فقال
فيه:
لا يعرف الناس منه
غير قطنته
و ما سواها من الأنساب مجهول
خبره مع حاجب الفيل عند
يزيد
قال: و دخل حاجب يوما على
يزيد بن المهلّب، و عنده ثابت قطنة و كعب الأشقريّ- و كانا لا يفارقان مجلسه- فوقف
بين يديه فقال له: تكلّم يا حاجب، فقال: يأذن لي الأمير أن أنشده/ أبياتا، قال: لا
حتى تبدأ فتسأل حاجتك، قال: أيها الأمير، إنه ليس أحد و لو أطنب في وصفك موفّيك
حقك، و لكنّ المجتهد محسن، فلا تهجني بمنعي الإنشاد، و تأذن لي فيه، فإذا سمعت
فجودك أوسع من مسألتي. فقال له يزيد: هات، فما زلت مجيدا محسنا مجملا. فأنشده:
/ فقال له يزيد: سل حاجتك، فقال: ما على الأمير بها
خفاء، فقال: قل، قال: إذا لا أقصر و لا أستعظم عظيما أسأله الأمير أعزّه اللّه مع
عظم قدره، قال: أجل، فقل يفعل، فلست بما تصير إليه أغبط منا، قال: تحملني و تخدمني
[6] و تجزل جائزتي، فأمر له بخمسة تخوت [7] ثياب و غلامين و جاريتين و فرس و بغل و
برذون و خمسة آلاف درهم، فقال حاجب:
[8]
شام البرق: نظر إليه أين يمطر. ويك:
وى اسم فعل بمعنى أعجب، و الكاف للخطاب أو أصله ويلك و حذفت اللام لكثرة
الاستعمال. تبعج السحاب بالمطر: انفرج عن الوبل الشديد، و كلية السحاب: أسفله، و
الجمع كلي.