اسمه فيما أخبرني به أبو
الفضل بن برد الخيار [1]، سليمان بن عليّ: و ذكره جحظة في كتاب الطّنبوريّين [2]،
فتلّه [3] في نفسه و أخلاقه و مدح صنعته، و قال: مما أحسن فيه قوله:
أرقت لبرق لاح في
فحمة الدّجى
فأذكرني الأحباب و المنزل الرّحبا
قال: و هذا خفيف رمل مطلق.
و مما أحسن فيه أيضا:
تعالي نجدّد عهد
الصّبا
و نصفح للحبّ عمّا مضى
و هو خفيف رمل مطلق أيضا:
ثلبة جحظة و تنادر عليه
و ذكر أنه كان مع أبيه
قصّارا [4]، و تعلّم الغناء فبرع فيه. و من طيّب ما ثلبه به جحظة و تنادر عليه [5]
به- و أراها مصنوعة- أنّه مرّ/ يوما على أبيه، و معه غلام يحمل قاطرميز [6] نبيذ،
و جوامرجة [7] مذبوحة مسموطة [8]، فقال:
الحمد للّه الّذي أراني
ابني قبل موتي يأكل لحم الجواميرات، و يشرب نبيذ القاطرميزات [9].
و حدّث عن بعض جيرانه أنّ
ابن القصّار غنّى له يوما بحبل و دلو، و أنّ إسماعيل بن المتوكّل وهب له مائتي
أترجّة [10] كانت بين يديه، فباعها بثلاثة دنانير، و أنه يحمل بلبكيذة [11] إلى
دار السلطان، و له فيه خبز و جبن فيأكله،
[1]
كذا في الأصول، و يؤيد هذا ما ورد في «معجم البلدان» (في «ناحية» ج 4: 727 طبع
أوربة) «قرأت بخط بعض الفضلاء
الأئمة و هو أبو الفضل العباس بن علي المعروف بابن برد الخيار» بالراء أيضا. و جاء
في «معجم الأدباء» (ج 1: ص 269
طبع هندية في ترجمة إبراهيم بن عباس الصولي) «و اجتمع هارون بن محمّد بن عبد الملك الزيات و ابن
برد الخباز» بالزاي.
[2]
أي الضاربين بالطنبور، و هو من آلات
الطرب ذو عنق طويل و ستة أوتار. فارسي معرّب.
[3]
في الأصول «قبله» و هو تصحيف: يقال: تل فلانا بتلة سوء (بكسر التاء):
أي رماه بأمر قبيح.
[4]
القصار و المقصر: محوّر الثياب و
مبيضها؛ لأنه يدقها بالقصرة و هي القطعة من الخشب. و حرفته القصارة بالكسر.
[5]
ثلبه: عابه. و جاء في «أساس البلاغة» «و فلان يتنادر علينا»،
و معناه يحدّثنا بالنوادر و الملح، و في الأصول «و تبادر» و هو تصحيف.
[6]
كلمة فارسية، جاء في «شفاء العليل» ص 165 «قطرميز قلة كبيرة من الزجاج
معروفة؛ و قال الشاعر:
أنا لا أرتوي بطاس و
كاس
فاسقنيها بالزق و القطرميز
و كذلك جاء في «معجم دوزي» «قطرميز إناء زجاجي برقبة
قصيرة و فوّهة واسعة». أقول: و من البيت المذكور يرى أن الطاء ساكنة و الراء
محركة.
[7]
هكذا في الأصول. و في الفارسية «الجوجة الفروجة». و أكبر
ظني أن تلك الكلمة هي المرادة؛ بدليل قوله «مذبوحة مسموطة».