سعد
إخوة عذرة بن سعد، و كانوا حلفاء لبني صرمة بن مرّة و نزولا فيهم. و كان الحرقة
[1] و هم بنو حميس بن عامر بن جهينة حلفاء لبني سهم بن مرّة، و كانوا قوما/ يرمون
بالنّبل رميا سديدا [2]، فسمّوا الحرقة لشدّة قتالهم.
و كانوا نزولا
في حلفائهم بني سهم بن مرّة. و كان في بني صرمة يهوديّ من أهل تيماء يقال له جهينة
بن أبي حمل.
و كان في بني
سهم يهوديّ من/ أهل وادي القرى يقال له غصين [3] بن حيّ، و كانا تاجرين في الخمر
[4]. و كان بنو جوشن- أهل بيت من عبد اللّه بن غطفان- جيرانا لبني صرمة، و كان
يتشاءم بهم ففقدوا منهم رجلا يقال له خصيلة [5] كان يقطع الطريق وحده. و كانت أخته
و إخوته يسألون الناس عنه، و ينشدونه في كل مجلس و موسم.
فجلس ذات يوم
أخ لذلك المفقود الجوشنيّ في بيت غصين بن حيّ جار بني سهم يبتاع خمرا، فبينما هو
يشتري [6] إذ مرّت أخت المفقود تسأل عن أخيها خصيلة، فقال غصين [7]:
تسائل عن أخيها كلّ ركب
و عند جهينة الخبر اليقين
فأرسلها مثلا
[8]، يعني بجهينة نفسه. فحفظ الجوشنيّ هذا البيت، ثم أتاه من الغد فقال له: نشدتك
اللّه و دينك هل تعلم لأخي علما؟ فقال له: لا و ديني لا أعلم. فلما مضى أخو
المفقود تمثّل:
/
لعمرك ما ضلّت ضلال ابن جوشن
حصاة بليل ألقيت وسط جندل
- أراد أن تلك الحصاة يجوز أن توجد، و أن هذا
لا يوجد أبدا- فلما سمع الجوشنيّ ذلك تركه، حتى إذا أمسى أتاه فقتله. و قال
الجوشني:
[8] ورد في
«مجمع الأمثال» للميداني (1: 394) في شرح هذا المثل ما ملخصه: أن حصين بن سبيع
الغطفاني خرج مع الأخنس بن كعب الجهني و تعاقدا على السلب و النهب، و كلاهما فاتك
يحذر صاحبه. و كان من أمرهما أن طلبا رجلا من لخم ليسلباه، فوجداه نازلا في ظل
شجرة و قدامه طعام و شراب فنزلا به و أكلا و شربا معه. ثم إن الجهني ذهب لبعض
شأنه، فرجع فرأى الحصين قد فتك باللخمي. و أراد الحصين بعد ذلك أن يتغفل صاحبه
الجهني ليقتله، و لكنه فطن لما يراد به، فبادره بقتله، و احتوى على متاعه و متاع
اللخمي، و انصرف راجعا إلى قومه، فإذا هو بامرأة تنشد الحصين بن سبيع، فقال لها:
من أنت؟ قالت: أنا صخرة امرأة الحصين، قال: أنا قتلته. فقالت: كذبت، ما مثلك يقتل
مثله، أما لو لم يكن الحي خلوا ما تكلمت بهذا. ثم قال في ذلك أبياتا منها:
تسائل عن حصين كل ركب
و عند جهينة الخبر اليقين
اقرأ هذا
الخبر أيضا و شرح المثل المذكور في «لسان العرب» مادة جفن، و فيه أنه يروى «حفينة»
بالحاء، و يروى «جفينة» بالجيم.
[9] في
الأصول و «مختار الأغاني»: «ظعنت» و هو تصحيف. و أجنه: ستره.
[10] في
الأصول: «فقال له» و التصويب من «مختار الأغاني الكبير».
[11] في
الأصول: «أبو جوشن» و التصحيح عن «مختار الأغاني».