- في هذين البيتين غناء- أو يقال: إنه متكلّف؟
و هو الّذي يقول:
فلو كان للشكر شخص
يبين
إذا ما تأمّله
النّاظر
لمثّلته لك حتّى
تراه
لتعلم أنّي امرؤ
شاكر
رذاذ يضع
لحنا
الغناء في هذين
البيتين لأبي العبيس، ثقيل أوّل، و لرذاذ خفيف ثقيل. فحدّثني أبو يعقوب إسحاق بن
يعقوب النوبجيّ عن أبي الحسن عليّ بن العباس و غيره من أهله قالوا: لما صنع رذاذ
لحنه في هذا الشعر:
فلو كان للشّكر
شخص يبين
أبو العبيس
يسقط لحن رذاذ
فتن به الناس،
و كان هجّيراهم زمانا [3]، حتى صنع أبو العبيس فيه الثّقيل الأول، فأسقط لحن رذاذ
و غلب عليه.
أخبرني إبراهيم
بن أيوب، عن عبد اللّه بن مسلم، و أخبرني علي بن سليمان الأخفش، عن محمّد بن يزيد،
قالوا جميعا:
المأمون يكتب
في إشخاص العتابيّ
كتب المأمون في
إشخاص كلثوم بن عمرو العتابي، فلما دخل عليه قال له: يا كلثوم، بلغتني وفاتك
فساءتني، ثم بلغتني وفادتك فسرّتني. فقال له العتابي: يا أمير المؤمنين، لو قسمت
هاتان الكلمتان على أهل الأرض لوسعتاها فضلا و إنعاما، و قد خصصتني منهما بما لا
يتّسع له أمنية، و لا يبسط لسواه أمل، لأنه لا دين إلّا بك، و لا دنيا إلا معك.
فقال له: سلني. فقال: يدك بالعطاء أطلق من لساني بالسّؤال. فوصله صلات سنية، و بلغ
به من التقديم و الإكرام أعلى محلّ.
و ذكر أحمد بن
أبي طاهر عن عبد اللّه بن أبي سعد الكراني، أنّ عبد اللّه بن سعيد بن زرارة، حدّثه
عن محمّد بن إبراهيم اليساري، قال:
المأمون
يداعب العتابي
لما قدم
العتّابي مدينة السلام على المأمون، أذن له، فدخل عليه و عنده إسحاق بن إبراهيم
الموصلي، و كان العتّابي شيخا جليلا نبيلا، فسلّم فردّ عليه و أدناه، و قرّبه حتّى
قرب منه، فقبّل يده: ثم أمره بالجلوس فجلس، و أقبل عليه يسائله عن حاله، و هو
يجيبه بلسان ذلق طلق، فاستظرف المأمون ذلك، و أقبل عليه بالمداعبة و المزاح، فظنّ
الشّيخ أنّه استخفّ به، فقال: يا أمير المؤمنين: الإيناس قبل الإبساس [4].