قال ابن
الكلبي: اسمه الربيع بن ربيعة، و قال ابن دأب: اسمه كعب بن ربيعة. و قال ابن حبيب
و أبو عمرو:
اسمه ربيعة بن
مالك بن ربيعة بن عوف بن قتال [2] بن أنف الناقة بن قريع بن عوف بن كعب بن سعد بن
زيد مناة بن تميم. شاعر فحل، من مخضرمي الجاهلية و الإسلام، و يكنى أبا يزيد. و
إياه عنى الفرزدق بقوله:
وهب القصائد لي
النوابغ إذ مضوا
و أبو يزيد و ذو
القروح و جرول
طبقته في
الشعراء
ذو القروح:
امرؤ القيس. و جرول: الحطيئة. و أبو يزيد: المخبل. و ذكره ابن سلام فجعله في
الطبقة الخامسة من فحول الشعراء، و قرنه بخداش بن زهير، و الأسود بن يعفر، و تميم
بن مقبل. و هو من المقلين، و عمر في الجاهلية و الإسلام عمرا كثيرا، و أحسبه مات
في خلافة عمر أو عثمان (رضي اللّه عنهما) و هو شيخ كبير. و كان له ابن، فهاجر إلى
الكوفة في أيام عمر فجزع عليه جزعا شديدا، حتى بلغ خبره عمر، فردّه عليه.
جزعه على
ولده شيبان حين هاجر
أخبرني محمّد
بن الحسن بن دريد. قال: حدّثنا عبد الرحمن بن أخي الأصمعي عن عمه، و أخبرني به
هاشم بن محمّد الخزاعي عن أبي غسان دماذ، عن ابن الأعرابي قال:
هاجر شيبان بن
المخبل السعدي، و خرج مع سعد بن أبي وقاص لحرب الفرس، فجزع عليه المخبّل جزعا
شديدا، و كان قد أسنّ و ضعف، فافتقر/ إلى ابنه فافتقده، فلم يملك الصبر عنه، فكاد
أن يغلب على عقله، فعمد إلى إبله و سائر ماله فعرضه ليبيعه و يلحق بابنه، و كان به
ضنينا، فمنعه علقمة بن هوذة بن مالك، و أعطاه مالا و فرسا، و قال: أنا أكلّم أمير
المؤمنين عمر في ردّ ابنك، فإن فعل غنمت مالك. و أقمت في قومك، و إن أبي استنفقت
ما أعطيتك و لحقت به، و خلّفت إبلك لعيالك. ثم مضى إلى عمر- رضوان اللّه عنه-
فأخبره خبر المخبّل، و جزعه على ابنه، و أنشده قوله:
[1]
المخبل بفتح الباء المشددة: اسم مفعول من خبله تخبيلا. و في الشعراء من يقال له
المخبل غير هذا ثلاثة. و هم المخبل الزهيري و الثمالي و كعب المخبل. «المؤتلف و
المختلف للآمدي» 177.[4]
الأغاني، ابو الفرج اصفهانى ؛ ج13 ؛ ص130
[2]
في
الأصول: «ابن
قبال» صوابه
بالتاء
كما
في «المؤتلف» و «الخزانة» (2:
535).
قال فلما أنشد عمر بن الخطاب هذه الأبيات بكى ورق له، فكتب إلى سعد يأمره أن يقفل شيبان بن المخبل و يردّه على أبيه، فلما ورد الكتاب عليه أعلم شيبان و ردّه فسأله الإغضاء عنه، و قال لا تحرمنّي الجهاد. فقال له:
إنّها عزمة من عمر، و لا خير لك في عصيانه و عقوق شيخك. فانصرف إليه، و لم يزل عنده حتى مات.
روايةأخرىفيذلك
و
أخبرني
بهذا
الخبر
أحمد
بن
عبيد
اللّه
بن
عمار
و
الجوهريّ،
قالا:
حدّثنا عمر بن شبّة أن شيبان بن المخبل كان يرعى إبل أبيه، فلا يزال أبوه يقول أحسن رعية إبلك يا بنيّ، فيقول أراحني اللّه من رعية إبلك. ثم فارق أباه و غزا مع أبي موسى، و انحدر إلى البصرة، و شهد فتح تستر [6]،
فقال فذكر
أبوه [7] الأبيات،
و
زاد
فيها
قوله:
قال أبو يزيد و حدّثناه عتاب بن زياد، قال حدّثنا ابن المبارك، قال حدّثنا مسعود عن معن بن عبد الرحمن فذكر نحوه، و لم يقل شيبان بن المخبّل، و لكنه قال: «انطلق رجل إلى الشام»، و ذكر القصة
و
الشعر.
الزبرقانلايزوّجأختهخليدةالمخبل
أخبرنا محمّد بن العباس اليزيدي، قال حدّثني عمّي عبيد اللّه، عن ابن حبيب، قال خطب المخبّل السعديّ
[8]
المذعان الناقة
السلسة
المنقادة. و الخبوب من
الخب،
و
هو
ضرب
من
العدو. و في
الأصول: «جنوب» و صححها
الشنقيطي
بما
أثبتناه.
الأغاني، ابو الفرج اصفهانى، ج13، ص: 132
إلى الزّبرقان بن بدر أخته خليدة، فمنعه إيّاها، و ردّه لشيء كان في عقله، و زوّجها رجلا من بني جشم بن عوف، يقال له مالك بن أميّة/ ابن عبد القيس، من بني محارب.
هزالوعبدعمرويضربانقاتلالجلاسحتىيموت
فقتل رجلا من بني نهشل يقال له الجلاس بن مخربة بن جندل بن جابر بن نهشل اغتيالا، و لم يعلم به أحد، ففقد و لم يعلم له خبر، فبينما جار الزبرقان الّذي من عبد القيس قاتل الجلاس ليلة يتحدث إذ غلط، فحدث هزّالا بقتله الرجل، و ذلك قبل أن يتزوّج هزّال إلى الزبرقان، فأتى هزّال عبد عمرو بن ضمرة بن جابر بن نهشل فأخبره، فدعا هزّال قاتل الجلاس فأخرجه عن البيوت، ثم اعتوره هو و عبد عمرو فضرباه حتى قتلاه، و رجع هزال إلى الحيّ و ضرب عبد عمرو حتّى لجأ إلى أخواله بني عطارد بن عوف.
امرأة مالك تحرض على من قتل زوجها فقالت امرأة مالك بن أمية المقتول:
قال و لجّ الهجاء بين المخبل و الزبرقان حتى تواقفا للمهاجاة و اجتمع الناس عليهما فاجتمعا لذلك ذات يوم، و كان الزبرقان أسودهما، فابتدأ المخبل فأنشده قصيدته:
قال و إنما سماه ذا الحرين لأنه كان مبدّنا، فكان له ثديان عظيمان، فسبّه بهما و شبّههما بالحرين. و يقال إنه إنما عيّره بأخته و ابنته، و لم يكن للمخبّل ابن في الجاهلية، قال:
[6]
مشترط
الخصى،
المشترط القاطع. و الخصى جمع
خصية
و
خصى
كقفل.
الأغاني، ابو الفرج اصفهانى، ج13، ص: 133
ثم انقطع عليه كلامه، إمّا بشرق أو انقطاع نفس، فما علم الناس ما يريد أن يقوله بعد قوله: «و أبي». فسبقه الزبرقان قبل أن يتم و يبين، فقال صدقت، و ما في ذاك إن كان شيخانا قد اشتركا في صنعة. فغلبه الزبرقان، و ضحكوا من قوله و تفرّقوا، و قد انقطع بالمخبل قوله.
أخبرنا اليزيديّ، قال حدّثني عمي عن عبيد اللّه عن ابن حبيب، قال كان زرارة بن المخبّل يليط [1] حوضه، فأتاه رجل من بني علباء بن عوف، فقال له صارعني. فقال له زرارة إني عن صراعك لمشغول. فجذب بحجزته و هو غافل فسقط، فصاح به فتيان الحي صرع زرارة و غلب. فأخذ زرارة حجرا، فأخذ به رأس العلباويّ، فسأل المخبل بغيض بن عامر بن شماس أن يتحمّل عن ابنه/ الدية، فتحملها و تخلّصه، و كسا المخبل حلة حسنة، و أعطاه ناقة نجيبة، فقال المخبل يمدحه:
- أبو حميد بغيض
بن
عامر. و أما قوله: «كما سدّ المخاطبة
ابن
بيض»، فإنّ ابن بيض رجل من بقايا قوم عاد، كان تاجرا، و كان لقمان بن عاد يجيز له تجارته في كل سنة بأجر معلوم، فأجازة سنة و سنتين، و عاد التاجر و لقمان غائب، فأتى قومه فنزل فيهم، و لقمان في سفره، ثم حضرت/ التاجر الوفاة فخاف لقمان على بنيه و ماله فقال لهم إن لقمان صائر إليكم، و إنّي أخشاه إذا علم بموتي على مالي، فاجعلوا ماله قبلي في ثوبه، وضعوه في طريقه إليكم، فإن أخذه و اقتصر عليه فهو حقّه، فادفعوه إليه و اتّقوه، و إن تعدّاه رجوت أن يكفيكم اللّه إياه. و مات الرجل، و أتاهم لقمان و قد وضعوا حقه على طريقه، فقال: «سدّ ابن [5] بيض الطريق»، فأرسلها
مثلا،
و
انصرف
و
أخذ
حقه. و قد ذكرت
ذلك
الشعراء،
فقال
بشامة
بن
عمرو:
كثوب ابن بيض وقاهم به
فسدّ
على
السالكين
السبيلا
/ قال ابن حبيب و لما حشدت
بنو
علباء
للمطالبة
لدم
صاحبهم،
حشدت
بنو
قريع
مع
بغيض
لنصر
المخبّل،
و
مشت
المشيخة
في
الأمر،
و
قالوا هذا قتل [6] خطأ،
فلا
تواقعوا
الفتنة،
و
اقبلوا
الدية. فقبلوها
و
انصرفوا،
فقال
زرارة
بن
المخبل
يفخر
بذلك:
ثم أخذ بنو [5] حازم جارا لبني قشير، فأغار عليه المنتشر بن وهب الباهليّ، فأخذ إبله، فسأل في بني تميم حتّى انتهى إلى المخبل، فلما سأله قال له إن شئت فاعترض إبلي فخذ خيرها ناقة، و إن شئت سعيت لك في إبلك. فقال بل إبلي. فقال المخبل [6]:
أخبرني هاشم بن محمّد الخزاعي، قال حدّثنا الرياشي، قال حدّثنا الأصمعي، قال مر المخبل السّعدي بخليدة بنت بدر، أخت الزّبرقان بن بدر، بعد ما أسنّ و ضعف بصره، فأنزلته و قرّبته و أكرمته و وهبت له وليدة، و قالت له إنّي آثرتك بها يا أبا يزيد [1] فاحتفظ بها. فقال و من أنت حتى أعرفك و أشكرك؟ قالت لا عليك، قال:
بلى و اللّه أسألك. قالت أنا بعض من هتكت بشعرك ظالما، أنا خليدة بنت بدر. فقال وا سوأتاه/ منك؛ فإني أستغفر اللّه عزّ و جلّ، و أستقيلك و أعتذر إليك. ثم قال:
لقد ضلّ حلمي في خليدة إنّني
سأعتب
نفسي
بعدها
أموت
فأقسم بالرحمن إنّي ظلمتها
جرت
عليها
الهجاء
كذوب
منقصيدةالغناء
و
القصيدة
الّتي
فيها
الغناء
المذكور
بشعر
المخبّل
و
أخباره
يمدح
بها
علقمة
بن
هوذة
و
يذكر
فعله
به
و
ما
وهبه
له
من
ماله،
و
يقول:
أخبرنا أبو زيد، عن عبد الرحمن، عن عمه، و أخبرنا محمّد بن العباس اليزيديّ قال حدّثني عمي عبيد اللّه، عن ابن حبيب. و أخبرني عمّي، قال حدّثنا الكرانيّ، قال حدّثنا العمريّ، عن لقيط قالوا:
اجتمع الزبرقان بن بدر و المخبل السعديّ و عبدة بن الطبيب و عمرو بن الأهتم قبل أن يسلموا، و بعد مبعث النبي صلّى اللّه عليه و سلم، فنحروا جزورا، و اشتروا خمرا ببعير، و جلسوا يشوون و يأكلون، فقال بعضهم لو أنّ قوما طاروا من جودة أشعارهم لطرنا. فتحاكموا إلى أوّل من يطلع عليهم، فطلع عليهم ربيعة بن حذار [4] الأسديّ، و قال اليزيدي:
فجاءهم رجل من بني يربوع يسأل عنهم، فدلّ عليهم و قد نزلوا بطن واد و هم جلوس يشربون، فلما رأوه سرهم، و قالوا له أخبرنا أيّنا أشعر؟ قال أخاف أن تغضبوا، فآمنوه من ذلك، فقال أما عمرو فشعره برود/ يمنية تنشر و تطوى، و أما أنت يا زبرقان فكأنك رجل أتى جزورا قد نحرت [5]،
فأخذ
من
أطايبها
و
خلطه
بغير
ذلك.
[2]
المخاض الحوامل
من
النوق،
أو
العشار
الّتي
أتى
عليها
من
حملها
عشرة
أشهر. و البزل ما
بلغ
من
الإبل
التاسعة. و الأبكار النوق
الّتي
ولدت
أوّل
بطن. و الشول
جمع
شائلة ما
أتى
عليها
من
حملها
أو
وضعها
سبعة
أشهر
فارتفع
ضرعها
و
جف
لبنها. و ابن
اللبون ولد
الناقة
إذا
كان
من
العام
الثاني
و
استكمله
أو
إذا
دخل
في
الثالثة.
و
قال
لقيط
في
خبره،
قال
له
ربيعة
بن
حذار و أمّا
أنت
يا
زبرقان
فشعرك
كلحم
لم
ينضج
فيؤكل،
و
لم
يترك
نيئا
فينتفع
به،
و
أما
أنت
يا
مخبّل
فشعرك
شهب
من
نار
اللّه
يلقيها
على
من
يشاء [1]، و أما أنت يا عبدة فشعرك كمزادة [2] أحكم خزرها فليس يقطر منها شيء.
استمناحروقللمخبل
أخبرنا اليزيدي، عن عمه، عن ابن حبيب، قال كان رجل من بني امرئ القيس يقال له روق مجاورا في بكر بن وائل باليمامة، فأغاروا على إبله و غدروا به، فأتى المخبل يستمنحه، فقال له إن شئت فاختر خير ناقة في إبلي فخذها، و إن شئت سعيت لك. فقال أن تسعى [3] بي أحبّ إليّ. فخرج المخبل فوقف على نادي قومه، ثم قال:
الشعر لغيلان بن سلمة الثّقفيّ، وجدت ذلك في جامع شعره بخط أبي سعيد السكريّ، و الغناء لابن زرزور الطائفي، خفيف ثقيل أوّل بالوسطى، عن يحيى المكي، و فيه ليونس الكاتب لحن ذكره في كتابه، و لم يجنّسه [7].
[4]
الكوماء الناقة
العظيمة
الضخمة
السنام. و المدفأة الكثيرة
الوبر
و
الشحم. و الأجفر
يقال جفر
ولد
الشاة،
إذا
عظم
و
استكرش
أو
بلغ
أربعة
أشهر. و الحماء الاست. و في
الأصول: «جماة».
[5]
تسح تنزل. و المحض اللبن
الخالص. و في
البيت
تحريف
ظاهر.
[6]
السويداء موضع
بالحجاز
بعد
المدينة
على
طريق
الشام.
غيلان بن سلمة بن معتّب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن قسيّو هو ثقيف. و أمّه سبيعة بنت عبد شمس بن عبد مناف بن قصي، أخت أمية بن شمس بن عبد مناف.
أدرك الإسلام فأسلم بعد فتح الطائف، و لم يهاجر، و أسلم ابنه عامر قبله، و هاجر، و مات بالشام في طاعون عمواس [1] و أبوه حيّ.
و
غيلان
شاعر
مقل،
ليس
بمعروف
في
الفحول.
وصفباديةبنتغيلان
و
بنته
بادية
بنت
غيلان
الّتي
قال
هيت
المخنّث
لعمر
بن
أم
سلمة
أمّ
المؤمنين،
أو
لأخيه
سلمة [2]: «إن فتح اللّه
عليكم
الطائف
فسل
رسول
اللّه
صلّى
اللّه
عليه
و
سلم
أن
يهب
لك
بادية
بنت
غيلان،
فإنها
كحلاء؛
شموع
نجلاء [3]، خمصانة هيفاء [4]،
إن
مشت
تثنّت،
و
إن
جلست
تبنت [5]، و إن تكلّمت تغنت، تقبل بأربع و تدبر بثمان، و بين فخذيها كالإناء المكفأ [6]».
قوللهقبلإسلامه
و
غيلان
فيما
يقال
أحد
من
قال
من
قريش
للنبيّ
صلّى
اللّه
عليه
و
سلم
و
آله:لَوْلانُزِّلَهذَاالْقُرْآنُعَلىرَجُلٍمِنَالْقَرْيَتَيْنِ.
اتهامولدهعماربسرقتهوماكانبينهمامنتدابر
قال ابن الكبيّ حدّثني أبي، قال تزوّج غيلان بن سلمة خالدة بنت أبي العاص،/ فولدت له عمّارا و عامرا، فهاجر عمّار إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلم، فلما بلغه خبره عمد خازن كان لغيلان إلى مال له فسرقه و أخرجه من حصنه فدفنه، و أخبر غيلان أنّ ابنه عمّارا سرق ماله و هرب به، فأشاع ذلك غيلان و شكاه [7] إلى الناس، و بلغ خبره عمارا فلم يعتذر إلى أبيه، و لم يذكر له براءته مما قيل له، فلما شاع ذلك جاءت أمه لبعض ثقيف إلى غيلان، فقالت له أيّ شيء لي عليك إن دللتك على مالك؟ قال ما شئت. قالت تبتاعني و تعتقني؟ قال ذلك لك. قالت فاخرج
[1]
عمواس
بالكسر
و
الفتح
و
سكون
الميم
أو
فتحها
و
فتح
الأوّل كورة
من
فلسطين
بالقرب
من
بيت
المقدس،
كانت
العاصمة
في
القديم،
و
منها
كان
ابتداء
الطاعون
في
أيام
عمر
بن
الخطاب،
ثم
فشا
في
أرض
الشام
فمات
فيه
خلق
كثير
لا
يحصى
من
الصحابة.
[2]
في «اللسان» (بنى): «و روى
شمر
أن
مخنثا
قال
لعبد
اللّه
بن
أبي
أمية» ثم
ساق
الخبر.
[3]
الشموع المزاحة
اللعوب. و النجلاء الواسعة
العينين.
[4]
الخمصانة الضامرة
البطن. و الهيفاء الدقيقة
الخصر.
[5]
تبنت أي
صارت
كالمبناة،
و
هي
القبة
من
أدم،
و
ذلك
لسمنها
و
كثرة
لحمها.
[6]
كذا
في «اللسان» و ح. و في
سائر
النسخ: «المكفوء». و هما
سيان،
يقال
كفأ
الإناء
و
أكفأه قلبه. يعني
بذلك
ضخم
ركبها
و
نهوده.
معي. فخرج معها، فقالت إني رأيت عبدك فلانا قد احتفر هاهنا ليلة كذا و كذا و دفن شيئا، و إنه لا يزال يعتاده و يراعيه، و يتفقّده في اليوم مرّات، و ما أراه إلا المال. فاحتفر الموضع فإذا هو بماله، فأخذه و ابتاع الأمة فأعتقها، و شاع الخبر في الناس حتّى بلغ ابنه عمارا، فقال و اللّه لا يراني غيلان أبدا، و لا ينظر في وجهي./ و قال:
فلما أسلم غيلان، خرج عامر و عمّار مغاضبين له مع خالد بن الوليد، فتوفي عامر بعمواس، و كان فارس ثقيف يومئذ، و هو صاحب شنوءة يوم تثليث [2]،
و
هو
قتل
سيّدهم
جابر
بن
سنان
أخا
دهنة،
فقال
غيلان
يرثي
عامرا:
نسخت من كتاب أبي سعيد السّكّري، قال كان لغيلان بن سلمة جار من باهلة، و كانت له إبل يرعاها راعيه في الإبل مع إبل غيلان، فتخطّى بعضها إلى أرض لأبي عقيل بن مسعود بن عامر بن معتّب، فضرب أبو عقيل الراعي و استخفّ به، فشكا الباهليّ ذلك إلى غيلان، فقال لأبي عقيل:
[4]
المعلم الفارس
جعل
لنفسه
علامة
الشجعان
في
الحرب.
[5]
المخذم القاطع. يحير يرد
و
يرجع. و البادان اسم
للذين
دخلوا
حديثا
في
الإسلام،
كما
في «معجم
استينجاس».
[6]
الصفق الضرب. و هو
أيضا
ضرب
الأيدي
عند
المبايعة.
[7]
تسلف
في
المادة
و
الشيء اقترض. و المعنى
إن
عدت
فسأقف
على
ما
وقع
منك.
الأغاني، ابو الفرج اصفهانى، ج13، ص: 139
تهديدهلامرأتهحينملته
و
نسخت
من
كتابه،
قال لما أسنّ
غيلان
و
كثرت
أسفاره
ملّته
زوجته،
و
تجنّت
عليه،
و
أنكر
أخلاقها،
فقال
فيها:
يا ربّ مثلك في النّساء غريرة
بيضاء
قد
صبّحتها
بطلاق
لم تدر ما تحت الضّلوع غرّها
مني
تحمّل
عشرتي
خلاقي
ثقيفتنتصرعلىبنيعامروغيلانيصفتخلفبنينصرعنهم
و
نسخت
من
كتابه إنّ بني عامر
بن
ربيعة
جمعوا
جموعا
كثيرة
من
أنفسهم
و
أحلافهم،
ثم
ساروا
إلى
ثقيف
بالطّائف،
و
كانت
بنو
نصر
بن
معاوية
أحلافا
لثقيف،
فلما
بلغ
ثقيفا
مسير
بني
عامر
استنجدوا
بني
نصر،
فخرجت
ثقيف
إلى
بني
عامر
و
عليهم
يومئذ
غيلان
بن
سلمة
بن
معتّب،
فلقوهم
و
قاتلتهم
ثقيف
قتالا
شديدا،
فانهزمت
بنو
عامر
بن
ربيعة
و
من
كان
معهم،
و
ظهرت
عليهم
ثقيف،
فأكثروا
فيهم
القتل،
فقال
غيلان
في
ذلك،
و
يذكر/ تخلف
بني
نصر
عنهم:
و
نسخت
من
كتابه،
قال جمعت
خثعم
جموعا
من
اليمن،
و
غزت
ثقيفا
بالطائف؛
فخرج
إليهم
غيلان
بن
سلمة
في
ثقيف،
فقاتلهم
قتالا
شديدا،
فهزمهم
و
قتل
منهم
مقتلة
عظيمة،
و
أسر
عدّة
منهم،
ثم
منّ
عليهم
و
قال
في
ذلك:
أخبرنا محمّد بن خلف وكيع، قال أخبرني محمّد بن سعد الشامي، قال حدّثني أبو عبد الرحمن عبد اللّه بن عمرو الثقفي، قال خرجت مع كيسان بن أبي سليمان أسايره، فأنشدني شعر غيلان بن سلمة، ما أنشدني لغيره، حتّى صدرنا عن الأبلّة، ثم مرّ بالطّف و هو يريد الطّابق [4]،
فأنشدني
له:
أخبرني عمّي قال حدّثنا عبد اللّه بن أبي سعد، قال حدّثني أحمد بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف قال:
حدّثني عمر بن عبد العزيز بن أبي ثابت عن أبيه، قال:
لما حضرت غيلان بن سلمة الوفاة، و كان قد أحصن عشرا من نساء العرب في الجاهلية، قال: «يا بنيّ، قد أحسنت خدمة أموالكم، و أمجدت أمّهاتكم فلن تزالوا بخير ما غذوتم من كريم و غذا منكم، فعليكم ببيوتات العرب، فإنها معارج الكرم، و عليكم بكلّ رمكاء [9] مكينة ركينة، أو بيضاء رزينة، في خدر [10] بيت يتبع، أو جدّ
[1]
مسى
خامسة في
مساء
الليلة
الخامسة. تضابع تمد
أضباعها
في
الجري. و القياد المقود،
ما
تقاد
به
الدابة. وجين حفين
و
وجعن.
[2]
الرجراجة الكتيبة
العظيمة. تعشى
من
العشا،
و
هو
سوء
البصر. و هذا
تصحيح
س،
و
في
سائر
النسخ: «تغشى». و استنت أسرعت.
و في الأصول: «استلمت».
[3]
النوح جمع
نائحة. في
س،
ش،
ح: «يبكون». كما
أثبتنا. و في «مهذب
الأغاني: «يبكون».
يرتجى، و إيّاكم و القصيرة الرّطلة [1]،
فإنّ
أبغض
الرجال
إليّ
أن
يقاتل/ عن إبلي
أو
يناضل
عن
حسبي،
القصير
الرّطل». ثم أنشأ
يقول:
حرّة قوم قد تنوّق فعلها
زيّنها
أقوامها
فتزيّنت
رحلت إليها لا تردّ وسيلتي
حمّلتها
من
قومها
فتحمّلت
وفودغيلانعلىكسرى
أخبرني عمي قال حدّثنا محمّد بن سعد الكراني، قال:
كان غيلان بن سلمة الثّقفيّ قد وفد إلى كسرى فقال له ذات يوم يا غيلان، أيّ ولدك أحبّ إليك؟ قال:
«الصغير
حتى
يكبر،
و
المريض
حتّى
يبرأ،
و
الغائب
حتى
يقسم». قال له ما غذاؤك؟
قال خبز البر. قال قد عجبت
من
أن
يكون
لك
هذا
العقل
و
غذاؤك
غذاء
العرب،
إنّما
البرّ
جعل
لك
هذا
العقل.
روايةأخرىفيهذاالخبر
قال الكراني، قال العمري روى الهيثم بن عدي هذا الخبر أتمّ من هذه الرواية، و لم أسمعه منه. قال الهيثم حدّثني أبي، قال:
خرج أبو سفيان بن حرب في جماعة من قريش و ثقيف يريدون [2] العراق بتجارة، فلما ساروا ثلاثا جمعهم أبو سفيان، فقال لهم إنّا من مسيرنا هذا لعلى خطر، ما قدومنا على ملك جبّار لم يأذن لنا في القدوم عليه، و ليست بلاده لنا بمتجر؟! و لكن أيّكم يذهب بالعير، فإن أصيب فنحن برآء من دمه، و إن غنم فله نصف الرّبح؟ فقال غيلان بن سلمة دعوني إذا فأنا لها. فدخل الوادي، فجعل يطوفه و يضرب فروع الشجر و يقول:
ثم قال أنا صاحبكم. ثم خرج في العير، و كان أبيض طويلا جعدا ضخما، فلما قدم بلاد كسرى، تخلّق [6] و لبس ثوبين أصفرين، و شهر أمره، و جلس بباب كسرى حتّى أذن له، فدخل عليه و بينهما شبّاك من ذهب، فخرج إليه التّرجمان؛ و قال له يقول لك الملك من أدخلك بلادي بغير إذني؟ فقال قل له لست من أهل عداوة لك، و لا أتيتك جاسوسا لضدّ من أضدادك، و إنما جئت بتجارة تستمتع بها، فإن أردتها فهي لك، و إن لم تردها و أذنت في بيعها لرعيّتك بعتها، و إن لم تأذن في ذلك رددتها. قال فإنّه ليتكلّم إذ سمع صوت كسرى فسجد، فقال له الترجمان يقول لك الملك لم سجدت؟ فقال سمعت صوتا عاليا حيث لا ينبغي لأحد أن يعلو صوته إجلالا
[1]
الرطلة
بفتح
الراء
و
كسرها المرأة
الحمقاء
الضعيفة. هذا. و الوصية
نسبت
في «البيان
و
التبيين» (2:
67) طبع
لحنة
التأليف،
إلى
عثمان
بن
أبي
العاصي.
للملك، فعلمت أنه لم يقدم على رفع الصّوت هناك غير الملك فسجدت إعظاما له. قال فاستحسن كسرى ما فعل، و أمر له بمرفقة توضع تحته [1]،
فلما
أتي
بها
رأى
عليها
صورة
الملك،
فوضعها
على
رأسه،
فاستجهله
كسرى
و
استحمقه،
و
قال
للترجمان قل له إنّما
بعثنا
إليك
بهذه
لتجلس
عليها. قال قد علمت،
و
لكنّي
لما
أتيت
بها
رأيت
عليها
صورة
الملك،
فلم
يكن
حقّ
صورته
على
مثلي
أن
يجلس
عليها،
و
لكن
كان
حقّها
التعظيم،
فوضعتها
على
رأسي،
لأنّه
أشرف
أعضائي
و
أكرمها
عليّ. فاستحسن
فعله
جدّا،
ثم
قال
له أ لك ولد؟
قال نعم. قال فأيّهم
أحبّ
إليك؟
قال الصّغير
حتى
يكبر،
و
المريض
حتّى
يبرأ،
و
الغائب
حتى
يئوب. فقال
كسرى زه، ما أدخلك
عليّ
و
دلّك
على
هذا
القول
و
الفعل
إلا/ حظّك،
فهذا
فعل
الحكماء
و
كلامهم،
و
أنت
من
قوم
جفاة
لا
حكمة
فيهم،
فما
غذاؤك؟
قال خبز البرّ. قال هذا العقل
من
البرّ،
لا
من
اللبن
و
التمر. ثم اشترى
منه
التجارة
بأضعاف
ثمنها،
و
كساه
و
بعث
معه
من
الفرس
من
بنى
له
أطما [2] بالطّائف،
فكان
أوّل
أطم
بني
بها.
رثاؤهلأخيهنافعوقدقتلبدومةالجندل
/ أخبرني
محمّد
بن
مزيد
بن
أبي
الأزهر،
قال حدّثنا
الزبير
بن
بكّار،
قال حدّثني
عمر
بن
أبي
بكر
الموصليّ
عن
عبد
اللّه
بن
مصعب
عن
أبيه
قال:
استشهد نافع بن سلمة الثّقفي مع خالد بن الوليد بدومة الجندل، فجزع عليه غيلان و كثر بكاؤه، و قال يرثيه:
قال و كثر بكاؤه عليه، فعوتب في ذلك، فقال و اللّه لا تسمح عيني بمائها فأصنّ به على نافع. فلمّا تطاول العهد انقطع ذلك من قوله، فقيل له فيه، فقال: «بلي نافع، و بلي الجرع، و فني و فنيت الدموع، و اللّحاق به قريب».
[4]
اللهاة قطعة
من
اللحم
مشرفة
على
الحلق. و العكد وسط
الشيء.
[5]
نشوز
النفس ارتفاعها،
كناية
عن
الاحتضار. و في
الأصول: «نشور» بالراء
المهملة،
تحريف.
الأغاني، ابو الفرج اصفهانى، ج13، ص: 143
16-
أخبارحاجزونسبه
أخبارحاجزونسبه
هو حاجز بن عوف بن الحارث بن الأخثم بن عبد اللّه بن ذهل بن مالك بن سلامان بن مفرّج بن مالك بن زهران بن عوف بن ميدعان بن مالك بن نصر بن الأزد. و هو حليف لبني مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي، و في ذلك يقول:
و
هو
شاعر
جاهليّ
مقلّ،
ليس
من
مشهوري
الشعراء،
و
هو
أحد
الصعاليك
المغيرين
على
قبائل
العرب،
و
ممن
كان
يعدو
على
رجليه
عدوا
يستبق
به
الخيل.
أخبرني محمّد بن الحسن بن دريد، قال حدّثني العباس بن هشام، عن أبيه، عن عوف بن الحارث الأزدي، أنه قال لابنه حاجز بن عوف أخبرني يا بنيّ بأشدّ عدوك. قال نعم، أفزعتني خثعم فنزوت نزوات، ثم استفزّتني الخيل و اصطفّ لي ظبيان، فجعلت أنهنههما [3] بيديّ عن الطّريق، و منعاني/ أن أتجاوزها في العدو لضيق الطريق حتى اتسع و اتسعت بنا، فسبقتهما. فقال له فهل جاراك أحد في العدو؟ قال ما رأيت أحدا جاراني إلّا أطيلس أغيبر من النّقوم [4]،
فإنا
عدونا
معا
فلم
أقدر
على
سبقه.
- قال النّقوم [4] بطن من الأزد
من
ولد
ناقم،
و
اسمه
عامر
بن
حوالة
بن
الهنو
بن
الأزد-
نسختأخبارحاجزمنروايةأبيعمروالشيباني
من كتاب بخط المرهبيّ الكوكبيّ، قال أغار عوف بن الحارث بن الأخثم على بني هلال بن عامر بن صعصعة في يوم داج مظلم، فقال لأصحابه انزلوا حتى أعتبر لكم. فانطلق حتى أتى صرما من بني هلال [5]،
و
قد
عصب
على
يد
فرسه
عصابا
ليظلع [6] فيطمعوا
فيه،
فلما
أشرف
عليهم
استرابوا
به،
فركبوا
في
طلبه،
و
انهزم
من
بين
أيديهم،
و
طمعوا
فيه،
فهجم
بهم
على
أصحابه
بني
سلامان،
فأصيب
يومئذ
بنو
هلال،
و
ملأ
القوم
أيديهم
من
الغنائم [7]، ففي ذلك يقول حاجز بن عوف:
يعني بقوله وضع السهام، أن الحارث بن عبد اللّه بن بكر بن يشكر بن مبشر بن صقعب بن دهمان بن نصر بن زهران، كان يأخذ من جميع الأزد إذا غنموا الربع، لأنّ الرئاسة في الأزد كانت لقومه، و كان يقال لهم: «الغطاريف» و هم أسكنوا الأسد بلد السراة، و كانوا يأخذون للمقتول منهم ديتين و يعطون غيرهم دية واحدة إذا وجبت عليهم، فغزتهم بنو فقيم بن عديّ بن الديل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، فظفرت بهم، فاستغاثوا ببني سلامان فأغاثوهم، حتّى هزموا بني فقيم و أخذوا منهم الغنائم و سلبوهم، فأراد الحارث أن يأخذ الرّبع كما كان يفعل، فمنعه مالك بن ذهل بن مالك بن سلامان، و هو عمّ أبي حاجز، و قال: «هيهات، ترك الرّبع غدوة» [7] فأرسلها مثلا، فقال له الحارث أ تراك يا مالك تقدر أن تسود؟ فقال هيهات، الأزد أمنع من ذاك. فقال أعطني و لو جعباو الجعب:
البعر في لغتهم؛ لئلا تسمع العرب أنك منعتني. فقال مالك: «فمن سماعها أفرّ» [8]،
و
منعه
الربيع،
فقال
حاجز
في
ذلك:
و
قال
أبو
عمرو أغارت
خثعم
على
بني
سلامان
و
فيهم
عمرو
بن
معديكرب،
و
قد
استنجدت
به
خثعم
على
بني
سلامان،
فالتقوا
و
اقتتلوا،
فطعن
عمرو
بن
معديكرب
حاجزا
فأنفذ
فخذه،
فصاح
حاجز يا آل الأزد! فندم
عمرو
و
قال خرجت
غازيا
و
فجعت
أهلي. و انصرف،
فقال
عزيل
الخثعمي
يذكر
طعنة
عمرو
حاجزا،
فقال:
و
قال
أبو
عمرو بينما
حاجز
في
بعض
غزواته
إذ
أحاطت
به
خثعم،
و
كان
معه
بشير
ابن
أخيه،
فقال [11] له يا بشير،
ما
تشير؟
قال دعهم
حتى
يشربوا
و
يقفلوا [12] و يمضوا
و
نمضي
معهم
فيظنّونا
بعضهم. ففعلا،
و
كانت
في
ساق
حاجز شامة، فنظرت إليها امرأة من خثعم، فصاحت يا آل خثعم، هذا حاجز. فطاروا يتبعونه، فقالت لهم عجوز كانت ساحرة أكفيكم سلاحه أو عدوه. فقالوا لا نريد أن تكفينا عدوه فإن معنا عوفا و هو يعدو مثله، و لكن اكفينا سلاحه. فسحرت لهم سلاحه و تبعه عوف بن الأغر [1] بن همام بن الأسرّ بن عبد الحارث بن واهب بن مالك بن صعب بن غنم بن الفزع الخثعمي، حتى قاربه، فصاحت به خثعم يا عوف ارم حاجزا، فلم يقدم عليه، و جبن، فغضبوا و صاحوا يا حاجز، لك الذمام، فاقتل عوفا فإنه قد فضحنا. فنزع في قوسه ليرميه، فانقطع وتره، لأنّ المرأة الخثعمية كانت قد سحرت سلاحه، فأخذ قوس بشير ابن أخيه فنزع فيها فانكسرت،/ و هربا من القوم ففاتاهم و وجد حاجز بعيرا في طريقه فركبه فلم يسر في الطريق الّذي يريده و نحا به نحو خثعم؛ فنزل حاجز/ عنه، فمرّ فنجا و قال في ذلك:
و
قال
أبو
عمرو اجتاز
قوم
حجّاج
من
الأزد
ببني
هلال
بن
عامر
بن
صعصعة،
فعرفهم
ضمرة
بن
ماعز
سيد
بني
هلال،
فقتلهم
هو
و
قومه،
و
بلغ
ذلك
حاجزا،
فجمع
جمعا
من
قومه
و
أغار
على
بني
هلال
فقتل
فيهم
و
سبى
منهم،
و
قال
في
ذلك
يخاطب
ضمرة
بن
ماعز:
[2]
الأثائب جمع
أثأب،
و
هو
شجر
ينبت
في
بطون
الأودية.
[3]
الحباحب ذباب
يطير
بالليل
له
شعاع
في
ذنبه
كالسراج،
و
ربما
جعلوا
الحباحب
اسما
لما
يرى
في
ذنبه
كأنه
نار. و قيل
هو
اسم
رجل
بخيل
كان
لا
يوقد
نارا
إلا
نارا
ضعيفة
مخافة
الضيفان،
فضربوا
بها
المثل
حتى
قيل «نار
الحباحب» لما
تقدحه
الخيل
بحوافرها
من
حيث
لا
ينتفع
به.
[4]
لا
أبيك لعله
أراد لا
و
أبيك. و يقال
نجا
ينجو
نجوا خلص. و في
الأصول: «نحو»، تحريف. و الأزعر القليل الشعر.
و الخاضب الظليم إذا أكل الربيع فاحمرت ساقاه و قوادمه، و هو الذكر من النعام.
[7]
الرابية
و
الرباة كل
ما
ارتفع
عن
الأرض. و الظبي
الأشعب البعيد
ما
بين
القرنين.
[8]
الصدع
بالعين
المهملة
تصحيح
الشنقيطي الفتى
الشاب
القوي
من
الأوعال
و
قيل
هو
الوسط
منها. قال
الأزهري هو
الوعل
بين
الوعلين. و في
الأصل: «صدغا». و الأروى أنثى
الوعل،
أو
هو
تيس
الجبل.
الشعر للحارث بن الطفيل الدّوسي، و الغناء لمعبد، رمل بالبنصر، من رواية يحيى المكي، و فيه لابن سريج خفيف ثقيل مطلق في مجرى البنصر عن إسحاق، و اللّه أعلم.
[4]
الهناء
يقال
هنا
الإبل
يهنؤها
مثلثة
النون طلاها
بالهناء،
ككتاب
و
هو
القطران. عبق
الهناء،
أن
يحكى
عبق
الهناء. و العبق مصدر
عبق
به،
أي
لصق. و المخاطم جمع
مخطم
كمجلس
و
منبر مقدم
أنفها
و
فمها.
الأغاني، ابو الفرج اصفهانى، ج13، ص: 149
17-
أخبارالحارثبنالطفيلونسبه
هو الحارث بن الطفيل بن عمرو بن عبد اللّه بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عبد اللّه بن عدثان بن عبيد اللّه بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد اللّه بن مالك بن نصر بن الأزد، شاعر فارس، من مخضرمي شعراء الجاهلية و الإسلام، و أبوه الطفيل بن عمرو شاعر أيضا، و هو أوّل من وفد من دوس على النبي صلّى اللّه عليه و سلم، فأسلم و عاد إلى قومه، فدعاهم إلى الإسلام.
وفودالطفيلعلىرسولاللّهصلّىاللّهعليهوسلم
أخبرني عمي قال حدّثنا الحزنبل بن عمرو بن أبي عمرو عن أبيه، و اللفظ في الخبر له، و اللّه أعلم.
و
أخبرني
به
محمّد
بن
الحسن
بن
دريد
قال حدّثني
عمي
عن
العباس
بن
هشام
عن
أبيه:
إنّ الطفيل بن عمرو بن عبد اللّه بن مالك الدوسيّ خرج حتى أتى مكة حاجّا، و قد بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم و هاجر إلى المدينة، و كان رجلا يعصوو العاصي البصير بالجراح، و لذلك يقال لولده بنو العاصيفأرسلته قريش إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلم و قالوا انظر لنا ما هذا الرجل، و ما عنده؟ فأتى النبيّ صلّى اللّه عليه و سلم فعرض عليه الإسلام، فقال له إنّي رجل شاعر، فاسمع ما أقول. فقال له النبي صلّى اللّه عليه و سلم هات. فقال:
فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم و أنا أقول فاستمع، ثم قال أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم،بِسْمِاللَّهِالرَّحْمنِالرَّحِيمِ،قُلْهُوَاللَّهُأَحَدٌ،اللَّهُالصَّمَدُ،لَمْيَلِدْوَلَمْيُولَدْوَلَمْيَكُنْلَهُكُفُواًأَحَدٌ. ثم قرأ:قُلْأَعُوذُبِرَبِّالْفَلَقِ، و دعاه
إلى
الإسلام
فأسلم،
و
عاد
إلى
قومه،
فأتاهم
في
ليلة
مطيرة
ظلماء،
حتى
نزل
بروق،
و
هي
قرية
عظيمة
لدوس
فيها
منبر،
فلم
يبصر
أين
يسلك،
فأضاء
له
نور
في
طرف
سوطه،
فبهر
الناس
ذلك
النور،
و
قالوا نار أحدثت
على
القدوم
ثم
على
بروق/ لا تطفأ. فعلقوا
يأخذون
بسوطه
فيخرج
النور
من
بين
أصابعهم،
فدعا
أبويه
إلى
الإسلام
فأسلم
أبوه
و
لم
تسلم
أمّة،
و
دعا
قومه
فلم
يجبه
إلا
أبو
هريرة،
و
كان
هو
و
أهله
في
جبل
يقال
له
ذو
رمع [3]، فلقيه بطريق يزحزح، و بلغنا أنه كان يزحف في العقبة من الظلمة و يقول:
[3]
في
س،
ش: «ذو
رمعا». و في
ح: «ذو
منعا»، صوابه ما أثبتنا. قال ياقوت: «موضع باليمن».
الأغاني، ابو الفرج اصفهانى، ج13، ص: 150
النبييدعولدوسبالهداية
ثم أتى الطفيل بن عمرو النبيّ صلّى اللّه عليه و سلم و معه أبو هريرة، فقال له ما وراءك؟ فقال بلاد حصينة و كفر شديد.
فتوضأ النبي صلّى اللّه عليه و سلم ثم قال: «اللهم اهد دوسا» ثلاث مرات. قال أبو هريرة فلما صلّى النبي صلّى اللّه عليه و سلم خفت أن يدعو على قومي فيهلكوا، فصحت وا قوماه! فلما دعا لهم سرّي عني، و لم يحب الطفيل أن يدعو لهم لخلافهم عليه، فقال له لم أحبّ هذا منك يا رسول اللّه. فقال له إن فيهم مثلك كثيرا. و كان جندب بن عمرو بن حممة/ بن عوف بن غويّة بن سعد بن الحارث بن ذبيان بن عوف بن منهب بن دوس يقول في الجاهلية إن للخلق خالقا لا أعلم ما هو.
فخرج حينئذ في خمسة و سبعين رجلا حتى أتى النبي صلّى اللّه عليه و سلم. فأسلم و أسلموا. قال أبو هريرة ما زلت ألوي الآجرة [1] بيدي، ثم لويت على وسطي حتى كأنّي بجاد [2] أسود، و كان جندب يقرّبهم إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و سلم رجلا رجلا، فيسلمون.
سببأبياتالغناء
و
هذه
الأبيات
الّتي
فيها
الغناء
من
قصيدة
للحارث
بن
الطفيل،
قالها
في
حرب
كانت
بين
دوس
و
بين
بني
الحارث
بن
عبد
اللّه
بن
عامر
بن
الحرث
بن
يشكر
بن
مبشر
بن
صعب
بن
دهمان
بن
نصر
بن
زهران.
و
كان
سبب
ذلك
فيما
ذكر
عن
أبي
عمرو
الشيباني
أن
ضماد
بن
مسرّح
بن
النعمان
بن
الجبّار
بن
سعد
بن
الحارث
بن
عبد
اللّه
بن
عامر
بن
الحارث
بن
يشكر،
سيد
آل
الحارث،
كان
يقول
لقومه أحذركم
جرائر
أحمقين
من
آل
الحارث
يبطلان
رئاستكم. و كان ضماد
يتعيف [3]، و كان آل الحارث يسودون العشيرة كلّها، فكانت دوس أتباعا لهم، و كان القتيل من آل الحارث تؤخذ له ديتان، و يعطون إذا لزمهم عقل قتيل من دوس دية واحدة، فقال غلامان من بني الحارث يوما ائتوا شيخ بني دوس و زعيمهم الّذي ينتهون إلى أمره فلنقتله [4]. فأتياه، فقالا يا عم، إن لنا أمرا نريد أن تحكم بيننا فيه. فأخرجاه من منزله، فلما تنحيا به قال له أحدهما يا عم، إن رجلي قد دخلت فيها شوكة، فأخرجها لي. فنكس الشيخ رأسه لينتزعها و ضربه الآخر فقتله، فعمدت دوس إلى سيّد بني الحارث، و كان نازلا بقنونى [5] فأقاموا له في غيضة في الوادي، و سرحت إبله فأخذوا/ منها ناقة فأدخلوها الغيضة و عقلوها، فجعلت الناقة ترغو و تحنّ إلى الإبل، فنزل الشيخ إلى الغيضة ليعرف شأن الناقة، فوثبوا عليه فقتلوه، ثم أتوا أهله، و عرفت بنو الحارث الخبر، فجمعوا لدوس و غزوهم فنذروا [6] بهم فقاتلوهم فتناصفوا، و ظفرت بنو الحارث بغلمة من دوس فقتلوهم، ثم إنّ دوسا اجتمع منهم تسعة و سبعون رجلا، فقالوا من يكلّمنا، من يمانينا [7] حتّى نغزو أهل ضماد؟ فكان ضماد قد أتى عكاظ، فأرادوا أن يخالفوه/ إلى أهله، فمرّوا برجل من دوس و هو يتغنى:
فقالوا هذا لا يتبعكم، و لا ينفعكم أن تبعكم، أ ما تسمعون غناءه في السّلم. فأتوا حممة بن عمرو، فقالوا أرسل إلينا بعض ولدك. فقال و أنا إن شئتم. و هو عاصب حاجبيه من الكبر، فأخرج معهم ولده جميعا، و خرج معهم،
و
قال
لهم تفرّقوا
فرقتين،
فإذا
عرف
بعضكم
وجوه
بعض
فأغيروا،
و
إياكم
و
الغارة
حتّى
تتفارقوا
لا
يقتل
بعضكم
بعضا. ففعلوا،
فلم
يلتفتوا
حتّى
قتلوا
ذلك
الحيّ
من
آل
الحارث،
و
قتلوا
ابنا
لضماد،
فلما
قدم
قطع
أذني
ناقته
و
ذنبها،
و
صرخ
في
آل
الحارث،
فلم
يزل
يجمعهم
سبع
سنين
و
دوس
تجتمع
بازائه،
و
هم
مع
ذلك
يتغاورون [1] و يتطرّف
بعضهم
بعضا [2]، و كان ضماد قد قال لابن أخ له يكنى أبا سفيان لما أراد أن يأتي عكاظ إن كنت تحرز [3] أهلي، و إلّا أقمت عليهم. فقال له أنا أحرزهم من مائة؛ فإن زادوا فلا. و كانت تحت ضماد امرأة من دوس، و هي أخت مربان [4] بن سعد الدوسيّ الشاعر، فلما أغارت دوس على بني الحارث قصدها/ أخوها، فلاذت به، و ضمّت فخذها على ابنها من ضماد، و قالت يا أخي اصرف عنّي القوم، فإنّي حائض لا يكشفوني. فنكز سية القوس في درعها، و قال لست بحائض، و لكن في درعك سخلة بكذا من آل الحارث، ثم أخرج الصبيّ فقتله، و قال في ذلك:
قال فلم يزالوا يتغاورون حتّى كان يوم حضرة الوادي، فتحاشد الحيّان، ثم أتتهم بنو الحارث و نزلوا لقتالهم، و وقف ضماد بن مسرّح في رأس الجبل، و أتتهم دوس. و أنزل خالد بن ذي السبلة بناته هندا و جندلة و فطيمة و نضرة، فبنين بيتا، و جعلن يستقين الماء، و يحضّضن [7]. و كان الرجل إذا رجع فارّا أعطينه مكحلة و مجمرا [8]،
و
قلن معنا
فانزلأي إنك من النساءو جعلت
هند
بنت
خالد
تحرّضهم
و
ترتجز
و
تقول:
من رجل ينازل الكتيبة
فذلكم
تزني
به
الحبيبه
فلما التقوا رمى رجل من دوس رجلا من آل الحارث، فقال خذها و أنا أبو الزبن [9]،
فقال
ضماد
و
هو
في
رأس
الجبل
و
بنو
الحارث
بحضرة
الوادي يا قوم زبنتم
فارجعوا. ثم رجل آخر [10] من دوس،
فقال خذها
و
أنا
أبو
ذكر [11]. فقال
ضماد ذهب القوم/ بذكرها،
فاقبلوا
رأيي
و
انصرفوا. فقال قد جبنت
يا
ضماد. ثم التقوا،
فأبيدت
بنو
الحارث. هذه رواية
أبي
عمرو.
و
أما
الكلبي
فإنه
قال كان عامر
بن
بكر
بن
يشكر
يقال
له
الغطريف
و
يقال
لبنيه
الغطاريف،
و
كان
لهم
ديتان،
و
لسائر
قومه
دية،
و
كانت
لهم
على
دوس
إتاوة
يأخذونها
كلّ
سنة،
حتى
إن
كان
الرجل
منهم
ليأتي
بيت
الدّوسيّ
فيضع
سهمه
أو
نعله
على
الباب،
ثم
يدخل،
فيجيء/ الدوسي،
فإذا
أبصر
ذلك
انصرف
و
رجع
عن
بيته،
حتّى
أدرك
عمرو
بن
حممة
بن
عمرو
فقال
لأبيه ما هذا التطوّل [1] الّذي
يتطوّل
به
إخواننا
علينا؟
فقال يا بنيّ،
إن
هذا
شيء
قد
مضى
عليه
أوائلنا،
فأعرض
عن
ذكره. فأعرض
عن
هذا
الأمر،
و
إنّ
رجلا
من
دوس
عرّس
بابنة
عم
له،
فدخل
عليها
رجل
من
بني
عامر
بن
يشكر،
فجاء
زوجها
فدخل
على
اليشكريّ،
ثم
أتى
عمرو
بن
حممة
فأخبره
بذلك،
فجمع
دوسا
و
قام
فيهم،
فحرّضهم
و
قال إلى كم تصبرون
لهذا
الذلّ،
هذه
بنو
الحارث،
تأتيكم
الآن
تقاتلكم،
فاصبروا
تعيشوا
كراما
أو
تموتوا
كراما. فاستجابوا
له،
و
أقبلت
إليهم
بنو
الحارث
فتنازلوا،
و
اقتتلوا،
فظفرت
بهم
دوس،
و
قتلتهم
كيف
شاءت،
فقال
رجل
من
دوس
يومئذ:
[3]
المحض الخالص،
و
في
الأصول: «المخض»، تحريف. و القيل بالياء اللبن يشرب نصف النهار. و يقال هو شروب للقيل، إذا كان مهيافا دقيق الخصر يحتاج إلى شرب نصف النهار.
[9]
الكبش الرئيس. راشوه
حابوه
من
الرشوة،
و
الكلام
تهكم،
و
ذي
كعب الرمح.
[10]
شكوا يقال
شكه
بالرمح
انتظمه
و
في
السلاح
دخل. و الحقو الخصر. و القداح السهام. ناط علق. و المعرض الرامي
الّذي
يعرض
القوس
عرضا
إذا
أضجعها
ثم
رمى
عنها. و الأقدح
جمع
قدح
بالكسر السهم
قبل
أن
يراش
أو
ينصل. و القضب
جمع
قضيب،
و
هو
القوس
عملت
من
قضيب
أو
من
غصن
غير
مشقوق.
/ هذا البيت
في
الغناء
في
لحن
ابن
سريج؛
و
ليس
هو
في
هذه
القصيدة،
و
لا
وجد
في
الرواية،
و
إنما
ألحقناه
بالقصيدة
لأنه
في
الغناء
كما
تضيف
المغنون
شعرا
إلى
شعر،
و
إن
لم
يكن
قائلهما
واحدا
إذا
اختلف
الرويّ
و
القافية.
[5]
تعدى
بالتاء
المثناة
الفوقية
في
س،
ش
أما
في
ج
فبالباء
الموحدة. و الصحاح الصحيحة
من
الإبل.
[6]
واجد
في
ش،
أما
في
س،
ج
فبالحاء
المهملة
و
هو
تحريف.
الأغاني، ابو الفرج اصفهانى، ج13، ص: 154
18-
أخبارعبدالصمدبنالمعذلونسبه
عبد الصمد بن المعذل بن غيلان بن الحكم بن البختريّ [1] بن المختار بن ذريح بن أوس بن همّام بن ربيعة بن بشير بن حمران بن حدرجان بن عساس [2] بن ليث بن حداد بن ظالم بن ذهل بن عجل بن عمرو بن وديعة بن لكيز بن أفصى [3] بن عبد القيس بن أفصى بن دعميّ بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار. و قيل ربيعة بن ليث بن حمران.
وجدت في كتاب بخطّ أحمد بن كامل حدّثني غيلان بن المعذل أخو عبد الصمد، قال كان أبي يقول:
أفصى أبو عبد القيس هو أفصى بن جديلة بن أسد، و أفصى جدّ بكر بن وائل هو أفصى بن دعميّ. و النسابون يغلطون في قولهم عبد القيس بن أفصى بن دعميّ. و يكنى عبد الصمد أبا القاسم، و أمه أم ولد يقال لها الزّرقاء.
شاعر فصيح من شعراء الدولة العباسية، بصريّ المولد و المنشأ. و كان هجاء خبيث [4] اللسان، شديد العارضة، و كان أخوه أحمد أيضا شاعرا، إلا أنه كان عفيفا، ذا مروءة و دين و تقدّم في المعتزلة، و له جاه [5] واسع في بلده و عند سلطانه، لا يقاربه عبد الصمد فيه، فكان يحسده و يهجوه فيحلم عنه، و عبد الصمد أشعرهما، و كان أبو عبد الصمد المعذل و جدّه غيلان شاعرين، و قد روى عنهما شيء [6] من الأخبار و اللغة و الحديث ليس بكثير، و المعذّل بن غيلان هو الّذي يقول:
/إلى اللّه
أشكو
لا
إلى
الناس
أنني
أرى
صالح
الأعمال
لا
أستطيعها
أرى خلّة في إخوة أقارب
ذي رحم
ما
كان
مثلي
يضيعها
فلو ساعدتني في المكارم قدرة
لفاض
عليهم
بالنوال
ربيعها
أنشدنا ذلك له علي بن سليمان الأخفش، عن المبرّد، و أنشدناه محمّد بن خلف بن المرزبان عن الرّبعي أيضا. قالا و هو القائل:
لست بميّال إلى جانب الغنى
إذا
كانت
العلياء
في
جانب
الفقر
إنّي لصبّار على ما ينوبني
حسبك
أنّ
اللّه
أثنى
على
الصبر
تهاجىأبانوالمعذل
أخبرني محمّد بن خلف، قال حدّثنا النّخعيّ و إسحاق، قال هجا أبان اللاحقيّ المعذّل بن غيلان، فقال:
أخبرني عمي قال حدّثنا المبرد قال مرّ المعذل بن غيلان بعبد اللّه بن سوّار العنبريّ القاضي، فاستنزله عبد اللّه، و كان من عادة المعذّل أن ينزل عنده، فأبى، و أنشده:
قال و انصرف، فبكّر إليه عبد اللّه بن سوار، فقال له رأيتك أبا عمرو مغضبا. فقال أجل ماتت بنت أختي و لم تأتني. قال ما علمت ذلك. قال ذنبك أشد من عذرك، و ما لي أنا أعرف خبر حقوقك، و أنت لا تعرف خبر حقوقي؟! فما زال عبد اللّه يعتذر إليه حتى رضي عنه.
هجاءعبدالصمدلشروينالمغني
حدّثني الحسن بن علي الخفّاف، قال حدّثنا ابن مهرويه عن الحمدوني، قال كان شروين حسن الغناء و الضّرب، و كان من أراد أن يغنّيه حتى يخرج من جلده جاء بجويرية سوداء فأمرها أن تطالعه، و تلوّح له بخرقة حمراء، ليظنّها امرأة تطالعه، فكان حينئذ يغنّي أحسن ما يقدر عليه تصنّعا لذلك، فغضب عليه عبد الصمد في بعض الأمور، فقال يهجوه:
من حلّ شروين له منزلا
فلتنهه
الأولى
عن
الثانية
فليس يدعوه إلى بيته
إلّا
فتى
في
بيته
زانية
هجاؤهلزانمتزوجزانية
أخبرني الحسن، قال حدّثنا ابن مهرويه، قال حدّثني أبو عمرو البصري، قال قال عبد الصمد بن المعذّل في رجل زان من أهل البصرة كانت له امرأة تزني، فقال:
[1]
الظربان دويبة
صغيرة
منتنة
جدا،
و
يقال
إنها
إذا
فست
في
ثوب
لم
تذهب
رائحته
حتى
يبلى.
أخبرني جعفر بن قدامة بن زياد الكاتب، قال حدّثنا سوّار بن أبي شراعة، قال:
كان بالبصرة رجل يعرف بابن الجوهري، و كانت له جارية مغنية حسنة الغناء، و كان ابن الجوهري شيخا همّا قبيح الوجه، فتعشّقت فتى كاتبا كان يعاشره و يدعوه، و كان الفتى نظيفا ظريفا، فاجتمعت معه مرارا في منزله، و كان عبد الصمد يعاشره، فكان الفتى يكاتمه أمره، و يحلف له أنّه لا يهواها، فدخلت عليهما ذات يوم بغتة، فبقي الفتى باهتا لا يتكلّم، و تغير لونه و تخلّج في كلامه، فقال عبد الصمد:
أخبرنا سوّار بن أبي شراعة، قال كان بالبصرة طفيليّ يكنّى أبا سلمة، و كان إذا بلغه خبر وليمة لبس لبس القضاة، و أخذ ابنيه معه و عليهما القلانس الطّوال، و الطّيالسة الرقاق [9]،
فيقدّم
ابنيه،
فيدقّ
الباب
أحدهما
و
يقول:
افتح يا غلام لأبي سلمة. ثم لا يلبث البواب حتى يتقدّم لآخر، فيقول افتح ويلك فقد جاء أبو سلمة. و يتلوهم، فيدقّون جميعا الباب،/ و يقولون بادر ويلك، فإنّ أبا سلمة واقف. فإن لم يكن عرفهم فتح لهم، وهاب منظرهم [9]،
و
إن
كانت
معرفته
إياهم
قد
سبقت
لم
يلتفت
إليهم،
و
مع
كلّ
واحد
منهم
فهر
مدوّر
يسمونه [10] «كيسان»، فينتظرون حتّى يجيء بعض من دعي، فيفتح له الباب، فإذا فتح طرحوا الفهر في العتبة حيث يدور الباب، فلا يقدر البواب على غلقه، و يهجمون عليه فيدخلون. فأكل أبو سلمة/ يوما على بعض الموائد لقمة حارّة من فالوذج [11]،
و
بلعها
لشدّة
حرارتها،
فجمعت
أحشاؤه
فمات
على
المائدة،
فقال
عبد
الصمد
بن
المعذل
يرثيه:
[8]
السدري،
غنى
به
أبا
نبقة
السدري
انظر
ص 250. كرف
الأتان يقال
كرف
الحمار
و
غيره
يكرف،
شم
بول
الأتان
ثم
رفع
رأسه
و
قلب
جحفلته. و ربما
قيل
كرفت
الأتان. و كل
ما
شممته
فقد
گرفته. الإدلاء يقال
أدلى
الفرس
أو
البعير أخرج
ذكره
ليبول. و الأعيار:
قال فكسدت و اللّه تلك القينة بالبصرة، فلم تدع و لم تستتبع حتّى أخرجت عنها.
عتابهلبعضالأمراء
أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش، قال حدّثنا المبرد، قال:
كتب عبد الصمد بن المعذل إلى بعض الأمراء رقعة فلم يجبه عنها، لشيء كان بلغه عنه، فكتب إليه:
قد كتبت الكتاب ثم مضى اليو
لم أدر
ما
جواب
الكتاب
/
ليت
شعري
عن
الأمير
لما
ذا
لا يراني
أهلا
لردّ
الجواب/
لا تدعني أنت رفّعت حالي
ذا انخفاض
بهجرتي
اجتنابي
إن أكن مذنبا فعندي رجوع
بلاء
بالعذر
الإعتاب
أنا الصادق الوفاء ذو العه
الوثيق
المؤكّد
الأسباب
هجاؤهللمهلبيالّذيكانيخدعالفتيات
أخبرني الحرميّ بن عليّ، قال حدّثني أبو الشبل، قال:
كان بالبصرة رجل من ولد المهلّب بن أبي صفرة، يقال له صبيانة، و كان له بستان سريّ في منزله، فكان يدعو الفتيات إليه، فلا يعطيهنّ شيئا من الدراهم، و يقصر بهن على ما يحملنه من البستان معهنّ، مثل الرّطب و البقول و الرياحين، فقال فيه عبد الصمد قوله [2]:
قال و كان وهبان هذا رجلا يبيع الحمام [1]،
فجمع
جماعة
من
أصحابه
و
جيرانه،
و
جعل
يغشى
المجالس،
و
يحلف
أنّه
ما
قال إن عبد الصمد
بيض
محوّل،
و
يسألهم
أن
يعتذروا
إليه؛
فكان
هذا
منه
قد
صار
بالبصرة
طرفة
و
نادرة،
فجاءني
عبد
الصمد
يستغيث
منه،
و
يقول
لي أ لم أقل لك إنّ آفتي
منه
عظيمة،
و
اللّه
لدوران
وهبان
على
النّاس
يحلف
لهم إنه ما قال إني بيض محوّل،
أشدّ
عليّ
من
هجائه
لي. فبعثت
إلى
وهبان
فأحضرته،
و
قلت
له:
يا هذا، قد علمنا أنّ الجماز قد كذب عليك، و عذرناك فنحبّ أن لا نتكلف العذر إلى الناس في أمرنا، فإنّا قد عذرناك. فانصرف و قد لقي عبد الصمد بلاء.
تدخلالحمدويبينعبدالصمدومضرطان
أخبرني محمّد بن جعفر الصيدلانيّ النحويّ صهر المبرد، قال حدّثني إسحاق بن محمّد النخعي قال قال لي أبو شراعة القيسيّ:
بلغ أبا جعفر مضرطان أن عبد الصمد بن المعذّل هجاه، و اجتمعا عند أبي وائلة السّدوسيّ، فقال له مضرطان بلغني أنك هجوتني. فقال له عبد الصمد [2] من أنت حتى أهجوك؟ قال هذا شرّ من الهجاء. فوثب إلى عبد الصّمد يضربه، فقال الحمدويّ، و هو إسماعيل بن إبراهيم بن حمدويه، و حمدويه جدّه، و هو الّذي كان يقتل الزنادقة: