كان
أبو عمرو الشيباني يعجب لارتجاله معلقته في موقف واحد، و شرح أبيات منها:
و قال يعقوب بن
السّكّيت: كان أبو عمرو الشيبانيّ يعجب لارتجال الحارث هذه القصيدة في موقف واحد و
يقول: لو قالها في حول لم يلم. قال: و قد جمع فيها ذكر عدّة من أيّام العرب عيّر
ببعضها بني تغلب تصريحا، و عرّض ببعضها لعمرو بن هند، فمن ذلك قوله:
أ علينا جناح كندة أن يغ
نم غازيهم و منّا الجزاء
قال: و كانت
كندة قد كسرت الخراج على الملك، فبعث إليهم رجالا من بني تغلب يطالبونهم بذلك،
فقتلوا و لم يدرك بثأرهم، فعيّرهم بذلك. هكذا ذكر الأصمعيّ. و ذكر غيره أنّ كندة
غزتهم فقتلت و سبت و استاقت، فلم يكن في ذلك منهم [1] شيء و لا أدركوا ثأرا. قال:
و هكذا البيت الذي يليه و هو:
قال: و كانت
حنيفة محالفة لتغلب على بكر، فأذكر الحارث عمرو بن هند بهذا البيت قتل شمر بن عمرو
الحنفيّ أحد بني سحيم المنذر بن ماء السماء غيلة لمّا حارب الحارث بن جبلة
الغسّانيّ، و بعث الحارث إلى المنذر بمائة غلام تحت لواء شمر هذا يسأله الأمان على
أن يخرج له عن ملكه و يكون من قبله، فركن المنذر إلى ذلك و أقام الغلمان معه،
فاغتاله شمر بن عمرو الحنفيّ فقتله غيلة، و تفرّق من كان مع المنذر، و انتهبوا
عسكره. فحرّضه بذلك على حلفاء بني تغلب بني حنيفة. قال و قوله:
/ يعني عمرا أحد بني سعد [بن زيد] مناة، خرج في
ثمانين رجلا من تميم فأغار على قوم من بني قطن من تغلب يقال لهم بنو رزاح كانوا
يسكنون أرضا تعرف بنطاع قريبة من البحرين، فقتل فيهم و أخذ أموالا كثيرة، فلم يدرك
منه بثأر. قال: و قوله:
ثمّ خيل [6] من
بعد ذاك مع الغلّاق و لا رأفة و لا إبقاء
-
غرة و إنما أتوكم نهارا ظاهرين و أنتم ترونهم، يرفع الآل أشخاصهم و يكشفها الضحاء.
و يروي. «يرفع الآل شخصهم»، و يروي: «جمعهم».
[1] في
«الأصول هنا»: «تغيير» بدل «شيء»، و قد تكررت هذه العبارة بعد ثلاثة أسطر،
فأثبتناها هنا كما وردت هناك.
[3] وردت هذه
الكلمة محرفة في «الأصول» بين «أتواء» و «أنواء» و «أفراء» و التصويب من
«المعلقات». و الأنداء: جمع ندى، و هو هنا ما يلحق الإنسان من الشر، يقال: ما
لحقني من فلان ندى أي شر، و ما نديني من فلان شيء أكرهه أي ما بلني و لا أصابني.
[4] غبراء أي
جماعة غبراء، يريد الفقراء و الصعاليك، و قيل لهم غبراء لما عليهم من أثر الفقر و
الضر. يريد: أم ما جمعت صعاليك محارب. و الغبراء أيضا: الأرض، و يقال للفقراء بنو
غبراء، لأنهم لا مأوى لهم إلّا الصحراء و ما أشبهها.
[6] يريد: ثم
غزتهم من بعد بني تميم خيل مع الغلاق فقتلت فيهم و لم يدرك منها بثأر. و معنى
قوله: لا رأفة و لا إبقاء أي ليس لأصحاب الغلاق رأفة بهم و لا إبقاء عليهم.