و قال ابن
حبيب: كان في جوار إسماعيل بن عمّار رجل من قومه ينهاه عن السّكر و هجاء الناس و
يعذله، و كان إسماعيل له مغضبا. فبنى ذلك الرجل مسجدا يلاصق دار إسماعيل و حسّنه و
شيّده، و كان يجلس فيه هو و قومه و ذوو التستّر و الصلاح منهم عامّة نهارهم، فلا
يقدر إسماعيل أن يشرب في داره و لا يدخل إليه أحد ممن كان يألفه من مغنّ أو مغنّية
أو غيرهما من أهل الرّيبة. فقال إسماعيل يهجوه- و كان الرجل يتولّى شيئا من الوقوف
للقاضي بالكوفة-:
بنى مسجدا بنيانه من خيانة
لعمري لقدما كنت غير موفّق
كصاحبة الرّمّان لمّا تصدّقت
جرت مثلا للخائن المتصدّق
يقول لها أهل الصّلاح نصيحة
لك الويل لا تزني و لا تتصدّقي
استعدى على
غاضري كلف رهطه الطواف:
و قال ابن
حبيب: ولّي العسس [9] رجل غاضريّ، فأخذ بني مالك و هم رهط إسماعيل ابن عمّار بأن
كانوا معه، فطافوا إلى الغداة. فلمّا أصبح غدا على الوالي مستعديا على الغاضريّ.
فقال له الوالي- و كان رجلا من همدان-: ما ذا صنع بك؟ فأنشأ يقول:
[8] في
«الأصول»: «كشكش» بدون الياء. و الكشكشة هنا: الهرب. يريد: فقلت لها اذهبي.
[9] العسس:
جمع أو اسم جمع لعاس، و هم طوّافو الليل لحراسة الناس و الكشف عن أهل الريبة.
[10] كذا في
«الأصول». و الساهرة في اللغة: الأرض أو وجهها، و قيل هي الفلاة، و قيل هي الأرض
التي لم توطأ، و قيل هي أرض يجدّدها اللّه يوم القيامة، و بهذه الأقوال فسر قوله
تعالى: فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ.