و الملاهي، و بالأرمال الثلاثة المختارة، و ما أشبه ذلك من الأصوات
التي تتقدّم غيرها في الشهرة كمدن معبد و هي سبعة أصوات، و السبعة التي جعلت
بإزائها من صنعة ابن سريج و خيّر بينهما فيها، و كأصوات معبد المعروفة بألقابها، و
زيانب يونس الكاتب؛ فإن هذه الأصوات من صدور الغناء و أوائله و ما لا يحسن تقديم
غيره أمامه. و أتبع ذلك بأغاني الخلفاء و أولادهم، ثم بسائر الغناء الذي عرف له
قصة تستفاد و حديثا يستحسن؛ إذ ليس لكلّ الأغاني خبر [نعرفه] [1]، و لا في كلّ ما
له خبر فائدة، و لا لكلّ ما فيه بعض الفائدة رونق يروق الناظر و يلهي السامع.
/ و وقّع على
أوّل كلّ شعر فيه غناء صوتا [2] ليكون علامة و دلالة عليه يتبيّن بها ما فيه صنعة
من غيره. و ربما أتى في خلال هذه الأصوات و أخبارها أشعار قيلت في تلك المعاني و
غنّي بها و ليست من الأغاني المختارة و لا من هذه الأجناس المرتّبة، فلا يوجد من
ذكرها معها بدّ؛ لأنها إذا أفردت عنها كانت إمّا منقطعة الأخبار غير مشاكلة
لنظائرها أو معادة أخبارها؛ و في كلتا الحالتين خلاف لما يجيء به هذا الكتاب. و
قد يأتي أيضا منها الشيء الذي تطول أخباره و تكثر قصص شاعره مع غيره من الأصوات و
الأخبار، فلا يمكن شرحها جمعاء [3] في ذلك الموضع لئلّا تنقطع الأخبار المذكورة
بدخوله [4] بينها، فيؤخّر ذكره إلى مواضع يحسن فيها، و نظائر له يضاف إليها، غير
قاطع اتّساق غيره منها و لا مفرد للقرائن بتوسّطه لها، و يكون ذكره على هذه الحال
أشكل و أليق.
عدم ترتيبه
على طرائق الغناء أو طبقات المغنين
قال مؤلف هذا
الكتاب: و لعلّ [بعض] [5] من يتصفّح ذلك ينكر تركنا تصنيفه أبوابا على طرائق
الغناء أو على طبقات المغنّين في أزمانهم و مراتبهم أو على ما غنّي به من شعر
شاعر. و المانع من ذلك و الباعث على ما نحوناه علل:
منها: أنّا
لمّا جعلنا ابتداءه الثلاثة الأصوات المختارة كان شعراؤها من المتأخرين [6]، و
أوّلهم أبو قطيفة و ليس من الشعراء المعدودين و لا الفحول، ثم عمر بن أبي ربيعة،
ثم نصيب. فلما جرى أوّل الكتاب هذا المجرى و لم يمكن ترتيب الشعراء فيه، ألحق آخره
بأوّله و جعل على حسب [7] ما حضر ذكره. و كذلك سائر المائة الصوت المختارة، فإنها
جارية على غير ترتيب الشعراء و المغنين. و ليس المغزى في الكتاب/ ترتيب الطبقات، و
إنما المغزى فيه، ما ضمّنه من ذكر الأغاني بأخبارها، و ليس هذا ممّا يضرّ فيها
[8].
و منها: أن
الأغاني قلّما يأتي منها شيء ليس فيه اشتراك بين المغنّين في طرائق مختلفة لا
يمكن معها ترتيبها على الطرائق؛ إذ ليس بعض الطرائق و لا بعض المغنّين أولى بنسبة
الصوت إليه من الآخر.
و منها:/ أن
ذلك لو لم يكن كما ذكرنا لم يخل فيها- إذا أتينا بغناء رجل [رجل] [9] و أخباره و
ما صنّف إسحاق