قال: فجاءت [3]
و اللّه بشيء حيّرني و أذهلني طربا لحسن الغناء و سرورا باختيارها الغناء في
شعري، و ما سمعت فيه من حسن الصّنعة و جودتها و إحكامها. ثم قالت لها: خذي أيضا من
قول أبي محجن، عافى اللّه أبا محجن:
قال نصيب: فو
اللّه لقد زهيت [6] بما سمعت زهوا خيّل إليّ أنيّ من قريش، و أنّ الخلافة لي. ثم
قالت:
حسبك يا بنيّة!
هات الطعام يا غلام! فوثب الأحوص و كثيّر و قالا: و اللّه لا نطعم لك طعاما و لا
نجلس لك في مجلس؛ فقد أسأت عشرتنا و استخففت بنا، و قدّمت شعر هذا على أشعارنا، و
استمعت [7] الغناء فيه، و إن في أشعارنا لما يفضل شعره، و فيها من الغناء ما هو
أحسن من هذا. فقالت: على معرفة كلّ ما كان منّي، فأيّ شعركما أفضل من شعره؟ أقولك
يا أحوص:
/ قال: فخرجا مغضبين و احتبستني، فتغدّيت
عندها، و أمرت لي بثلاثمائة دينار و حلّتين و طيب، ثم دفعت إليّ مائتي دينار و
قالت: ادفعها إلى صاحبيك؛ فإن قبلاها و إلا فهي لك. فأتيتهما منازلهما فأخبرتهما
القصّة. فأمّا
[2] يشير
بذلك إلى المثل المعروف: «إن العصا قرعت لذي الحلم». و أصله أن حكما من حكام العرب
عاش حتى أهتر، فقال لابنته: إذا أنكرت من فهمي شيئا عند الحكم فاقرعي لي المجنّ
بالعصا لأرتدع. و هذا الحكم هو عمرو بن حممة الدوسيّ.
و قيل: أوّل
من قرعت له العصا عامر بن الظرب العدواني أحد حكماء العرب و حكامهم. و المثل يضرب
لمن إذا نبّه انتبه. يريد أنه ليم في حبّها قديما.
[3] كذا في
ت، ح، ر. و في سائر النسخ: «فجاءني و اللّه شيء».
[4] كذا في ت.
و في سائر النسخ: «داء» بغير ياء. و في ح، ر: «أم خبروني بداء لي بعلمكم».