فلما رأى على (ع) خذلان الناس اياه و تركهم نصرته و اجتماع كلمتهم
مع ابى بكر و تعظيمهم اياه لزم بيته فقال عمر لأبى بكر ما يمنعك أن تبعث اليه
فيبايع فانه لم يبق أحد الا قد بايع غيره، و غير هؤلآء الاربعة و كان أبو بكر أرق
الرجلين و أرفقهما و أدها هما، و ابعد هما غورا و الآخر أفضهما و أغلظهما و اجفاهما،
فقال له ابو بكر من نرسل اليه؟
فقال عمر نرسل اليه قنفذا و هو رجل فظ غليظ جاف من الطلقآء أحد بنى
عدى بن كعب، فأرسله و أرسل معه أعوانا و انطلق فاستأذن على على (ع) فأبى ان يأذن
لهم فرجع اصحاب قنفذ الى ابى بكر و عمر و هما جالسان فى المسجد و الناس حولهما
فقالوا لم يؤذن لنا.
فقال عمر اذهبوا فان اذن لكم و الا فادخلوا بغير اذن فانطلقوا
فاستأذنوا فقالت فاطمة (ع) احرج عليكم ان تدخلوا على بيتى اذن فرجعوا و ثبت قنفذ
الملعون فقالوا ان فاطمة قالت كذا و كذا.
فحملوا الحطبفتحرجنا ان ندخل بيتها بغير اذنها (اذن) فغضب عمر و قال ما لنا و
للنسآء؟ ثم أمر اناسا حوله أن يحملوا الحطب فحملوا الحطب و حمل معهم عمر فجعلوه
حول منزل على و فاطمة، و ابناها ثم نادى عمر حتى أسمع عليا (ع) و فاطمة و اللّه
لتخرجن يا على و لتبايعن خليفة رسول اللّه (ص) و الا اضرمت عليك النار ...
فقالت فاطمة (ع) يا عمر ما لنا و لك؟ فقال افتحى الباب و الا
أحرقنا عليكم بيتكم.
فقالت فاطمة (ع) يا عمر أما تتقى اللّه؟ تدخل على بيتى فابى ان
ينصرف و دعا عمر بالنار فاضرمها فى الباب ...
ثم رفعه فدخل فاستقبلته فاطمة (ع) و صاحت يا أبتاه يا رسول اللّه
فرفع عمر السيف و هذا الخبر قدروته من طرق كثيرة و انما الطريف أن يرويه شيوخ
محدثى العامة. و روى ابراهيم بن سعيد الثقفى باسناده عن جعفر بن محمد (ع) قال:
«واللّه ما بايع على (ع) حتى رأى الدخان قد دخل بيته ... انتهى.
(اقول) و قد اشار الى قصة الاحراق الحافظ ابراهيم شاعر النيل فى القصيدة
العمرية