بصدق الرّسول على العلم به لا يمكن إثباته بالنّقل، و إلّا لزم
الدّور. و أمّا الّذي لا يكون كذلك، فكلّ ما كان جزما بوقوع ما لا يجب عقلا وقوعه
كان الطّريق إليه النّقل ليس إلّا. [و هو] إمّا العامّ كالعاديّات، او الخاصّ
كالكتاب و السّنة، و الخارج عن القسمين يمكن إثباته في الجملة بالعقل و النّقل
معا.
أقول: الّذي يستند إلى صدق الرّسول فقط، فكالأشياء التي نقلت عنه عليه السّلام
بالتّواتر، فانّ النّقل عنه يصير ضروريّا، كأمره بخمس صلوات تشتمل على سبع عشرة
ركعة في اليوم و الليلة، و أمثال ذلك لا طريق إليها إلّا النّقل. و كلّ ما كان
العلم بصدق الرّسول متوقّفا عليه فهو كاثبات الصّانع العالم القادر المختار
المتكلّم، و الخارج عن القسمين كتوحيد الاله، و عصمة الأنبياء. و النّقل العامّ
كالعاديّات، مثل ما ينقل بالتّواتر الّذي يحصل العلم به لمن يصدق الرّسول، و لمن
لا يصدّقه. و الخاصّ لمن يصدّقه هو ما اشتمل عليه الكتاب و السنّة.
قال:
مسألة الاستدلال اما قياس او استقراء او تمثيل
إذا استدللنا بشيء على شيء، فامّا أن يكون أحدهما أخصّ من
الثّاني او لا يكون. و الأوّل على قسمين، لأنّه إمّا أن يستدلّ بالعامّ على
الخاصّ، و هو القياس في عرف المنطقيّين، او بالعكس، و هو الاستقراء. و أمّا
الثّاني فلا يمكن الاستدلال بأحدهما على الآخر إلّا إذا اندرجا تحت وصف مشترك
بينهما، فيستدلّ بثبوت الحكم في إحدى الصّورتين على أنّ المناط هو المشترك. ثمّ
يستدلّ بذلك على ثبوته في الصّورة الاخرى، و هو القياس في عرف الفقهاء، و هو في
الحقيقة مركّب من القسمين الأوّلين.
ثمّ القياس بالمعنى الأوّل على خمسة أقسام:أحدهاانّ نحكم بلزوم
شيء لشيء فيلزم من وجود الملزوم وجود اللازم، و من عدم اللازم عدم الملزوم
تحقيقا للزوم. و لا يلزم من عدم الملزوم عدم اللازم،