التّصديقات بالاستلزام، و الفكر الفاسد يكون فاسدا بفوات الشّرطين او
أحدهما.
و يفهم من قوله ذلك أن لا يكون التّصديقات المطابقة غير المستلزمة
داخلة في الفكر الفاسد.
قال:
مسألة حضور المقدمتين يكفى لحصول النتيجة
ذكر ابن سينا أنّ حضور المقدّمتين في الذّهن لا يكفى لحصول
النّتيجة، فانّ الانسان قد يعلم أنّ هذا الحيوان بغلة، و أنّ كلّ بغلة عاقر. و مع
هذين العلمين ربّما رأى بغلة منتفخة البطن، فيظنّ أنّها حامل، بل لا بدّ مع حضور
المقدّمتين من التّفطّن لكيفيّة اندراج المقدّمة الجزئيّة تحت الكليّة.
و هذا ضعيف، لأنّ اندراج احدى المقدّمتين تحت الاخرى: امّا أن يكون
معلوما مغايرا لتينك المقدّمتين و امّا أن لا يكون. فان كان مغايرا كان ذلك مقدّمة
اخرى لا بدّ منها في الانتاج، و يكون الكلام في كيفيّة التيامها مع الأوليين
كالكلام في كيفيّة التيام الأوّليين، و يفضى ذلك الى اعتبار ما لا نهاية له من
المقدّمات و ان لم يكن ذلك معلوما مغايرا للمقدّمتين استحال أن يكون شرطا في
الانتاج، لأنّ الشّرط مغاير للمشروط، و هاهنا لا مغايرة، فلا يكون شرطا. و أمّا
حديث البغلة فذلك إنّما يمكن إذا كان الحاضر في الذّهن إحدى المقدّمتين فقط، إمّا
الصّغرى او الكبرى. أمّا عند اجتماعهما فلا نسلّم أنّه يمكن الشكّ في النّتيجة.
أقول: ردّه على ابن سينا أضعف من الّذي ادّعى ضعفه، لأنّ الاندراج إن كان
مغايرا للمقدّمتين لا يجب أن يكون مقدّمة ثالثة، لأنّ المقدّمة قضيّة جعلت جزء
قياس، و الاندراج ليس بقضيّة، إنّما هو جزء صوريّ يحصل للمقدّمتين بعد التّأليف، و
الجزء الصّورىّ لا يكون مقدّمة. و الاندراج هو العلم بكون الأصغر بعض الجزئيّات من
الأوسط الّتي وقع الحكم بالأكبر على جميعها، و هذا غير المقدّمتين و معلوم أنّ
المقدمتين لا يفيد النّتيجة إلّا عند هذا العلم.