قول فى النفوس و قواها من كلامه النفوس الأرضية نباتية و حيوانيّة و
ناطقة.
النفس النباتية و قواها
أمّا النفس النباتيّة فلها ثلاث قوى: الأولى الغاذية، و هى التى تأخذ ممّا هو شبيه ببدن تلك النفس بالقوّة ما يحتاج إليه،
فيجعله شبيها به بالفعل، ليشدّ به بدل ما يتحلل من بدنه و يصرف في مصالحها. و لها
أربع قوى: الاولى الجاذبة، و هى التى تجذب الغذاء. و الثانية الماسكة، و هى التى تمسكه
ريثما يحصل منه المقصود. و الثالثة الهاضمة، و هى التى تهضم الغذاء و تهريه لتأخذ
الغاذية بما يصلح لها. و الرابعة الدافعة، و هى التى تدفع ما فضل من الغذاء و ما
يصلح للتغذية من الثفل المخالط. و قوّة خامسة تسمى بالمغيّرة و هى التى تغيّر
الغذاء إلى قوام العضو المغتذى و لونه و هيئته ليصير جزاء منه.
و الثانية من القوى الثلاث النباتية المنمية، و هى التى تنمى بدنها
فيزيد في أقطاره، أعنى الطول و العرض و السمك، على تناسب محفوظ من أوّل التكون إلى
زمان الوقوف بما يفضل من الغذاء على ما يحتاج إليه في ايراد البدل ممّا يتحلل من
أصل البدن. و ظاهر من ذلك أنّها محتاجة إلى الغادية. فالغاذية خادمة لها من هذا
الوجه فقط. و أمّا بعد زمان الوقوف فلا يبقى للنامية فعل.
و الثالثة المولّدة، و هى التى تفصل من الغذاء
أجزاء تجعله صالحا لان يتولد منه شخص آخر، مثل الشخص الأوّل، ليكون نوع تلك
الأشخاص محفوظا، و ذلك الجوهر البزر في النباتات و النطفة في الحيوانات. و يخدمها
بعد الغاذية قوّتان:
الاولى المصوّرة و هى التى تفصل الأعضاء باذن خالقها و تجعلها على
الترتيب اللائق على هيآتها و تخاطيطها. و ثانيتها المغيّرة و هى التى تغيّر البزر
إلى جوهر كلّ عضو على الوجه الواجب. فالغاذية تعمل من أوّل الكون إلى آخر العمر. و
المنمية