أولويّة، و إن لم يجز فهو الوجوب، و إنّما غيّروا اللفظ دون المعنى.
و الحكماء أيضا قالوا بمثل ذلك، أعنى بوجوب حصول الفعل مع القدرة و
الإرادة. و الذين قالوا بمؤثريّة اللّه وحده صرّحوا بأنّه تعالى مريد لكلّ
الكائنات.
و المعتزلة قالوا: إنّه يريد ما يفعله، و أمّا ما يفعله العبد فهو
يريد طاعته و لا يريد معصيته. و هذه الإرادة غير الإرادة الاولى في المعنى.
فصل الحسن و القبح العقليان و الشرعيان
الأفعال تنقسم إلى حسن و قبيح، و للحسن و القبح معان مختلفة: منها أن
يوصف الفعل الملائم او الشيء الملائم بالحسن و غير الملائم بالقبح. و منها أن
يوصف الفعل او الشيء الكامل بالحسن و الناقص بالقبح. و ليس المراد هاهنا هذين
المعنيين، بل المراد بالحسن في الأفعال ما لا يستحقّ فاعله ذمّا او عقابا، و
بالقبح ما يستحقّهما بسببه.
و عند أهل السنّة ليس شيء من الأفعال عند العقل بحسن و لا قبيح و
إنّما يكون حسنا او قبيحا بحكم الشرع فقط.
و عند المعتزلة أنّ بديهة العقل يحكم بحسن بعض الأفعال، كالصدق
النافع، و العدل و قبح بعضها، كالظلم، و الكذب الضارّ. و الشرع أيضا يحكم بهما في
بعض الأفعال. و الحسن العقلى ما لا يستحقّ فاعل الفعل الموصوف به الذمّ، و القبح
العقلى ما يستحقّ به الذّم و الحسن الشرعىّ ما لا يستحق به العقاب، و القبح ما
يستحقّ به.
و بإزاء القبح الوجوب، و هو ما يستحق تارك الفعل الموصوف به الذمّ او
العقاب.
و يقولون بأنّ اللّه لا يخل بالواجب العقلىّ، و لا يفعل القبح
العقلىّ البتة و إنّما يخلّ بالواجب و يرتكب القبح بالاختيار جاهل او محتاج.
و احتج عليهم أهل السنّة بأنّ الفعل القبيح، كالكذب مثلا، قد يزول
قبحه عند اشتماله على مصلحة كليّة عامّة. و الأحكام البديهيّة، ككون الكلّ أعظم من
جزئه، لا يمكن أن تزول بسبب أصلا.