فنقول في جوابه: إنّ إرادة الفاعل لفعله غير إرادة غيره لفعل غيره، و
الأمر يدلّ على الإرادة الثانية دون الاولى. و مدّعانا هي الإرادة الأولى، و كذا
الكلام في الحجّة الثانية، أعنى الطاعة موافقة للارادة الثانية دون الاولى.
و جوابه عن الثالثة، بأنّ الكفر ليس نفس القضاء، إنّما هو المقضىّ،
ليس بشيء، فانّ القائل: «رضيت بقضاء اللّه تعالى»، لا يعنى به رضاه بصفة من صفات اللّه تعالى،
إنّما يريد به رضاه بما يقتضي تلك الصفة، و هو المقضيّ.
و الجواب الصحيح: أنّ الرضا بالكفر من حيث هو من قضاء اللّه طاعة، و
لا من هذه الحيثيّة كفر.
قال:
مسألة التولد و المباشرة او العادة الجارية؟
إذا حرّكنا جسما، فعند المعتزلة حركة يدنا أوجبت حركة ذلك الجسم و
هو عندنا باطل. و هذه هي المسألة المشهورة بالتولّد.
لنا أنّه إذا التصق جزء واحد بيد زيد و عمرو، ثمّ جذبه أحدهما حال
ما دفعه الآخر، فليس وقوع حركته بأحدهما أولى من وقوعها بالآخر. فامّا أن يقع بهما
معا، و هو محال لأنّه يلزم أن يجتمع على الأثر الواحد مؤثّران مستقلان، و هو
محال، على ما تقدّم او لا بواحد منهما، و هو المطلوب.
احتجّوا بحسن الأمر و النهي بالفعل و الكسب [بالقتل و الكسر].
و الجواب قد تقدّم. و الزيادة هاهنا أنّ اللّه تعالى لمّا أجرى
عادته بخلق هذه الآثار في المباين عقيب حصول هذه الأفعال في المباشر [و صحّ الامر
و النهي] فلم لا يكفى هذا القدر في حسن الخطاب؟
أقول: المثال الذي أورده في الجذب و الدفع غير مطابق، لأنّ قوّة الجسم
قابلة للتجزئة، فيكون الجاذب يغلب بعض تلك القوّة و الدافع البعض الآخر، و لو لم
يكن كذلك لما كان الثقل على متفاوتين أسهل منه على أحدهما.