الثانىو هو أنّ اللّه تعالى لم يكن عالما في لأزل بأنّ العالم موجود، فان
ذلك جهل، و هو على اللّه تعالى محال، ثمّ صار عند وجود العالم عالما بوجوده.
الثالثو هو أنّه تعالى في الأزل لم يكن رائيا لوجود العالم و لا سامعا
لوجود الأصوات، لأنّ رؤيته موجودا مع أنّه ليس بموجود خطأ، و هو على اللّه تعالى
محال. ثمّ عند وجود العالم و الأصوات صارا رائيا و سامعا.
الرابعو هو أنّه تعالى لا يجوز أن يخبر في الأزل بقوله: «إِنَّاأَرْسَلْنا
نُوحاً»لأنّ ذلك إخبار عن تأمر مضى. و ذلك في الأزل كذب، و هو على اللّه
تعالى محال، ثمّ صار بعد إرسال نوح عليه السّلام مخبرا عن ذلك.
الخامسو هو أنّ اللّه تعالى لم يكن ملزما في الأزل زيدا و عمروا بقوله:
«وَأَقِيمُوا
الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ»لأنّ خطاب المعدوم على سبيل الالزام سفه، و هو على الحكيم غير
جائز، ثمّ صار ملزما للمكلّفين عند حدوثهم و حدوث الشرائط.
الجواب:أمّا صحّة العالم فغير واردة، لأنّ العالم قبل حدوثه كان نفيا
محضا، فلا يمكن الحكم عليه لا بالصّحة و لا بالامتناع. قوله: «صحّةالاتصاف بالوصف
غير صحّة وجود الصفة»، قلنا لا نزاع فيه. لكن الصّحة الأولى متوقفة على الثانية،
لأنّ صحّة الاتصاف به متوقفة على تحقّقه، و تحقّقه متوقّف على وجوده.
أمّا المعارضات فالضابط فيها شيء واحد، و هو أنّ المتغيّر إضافة
الصفات إلى الأشياء لا نفس الصفات. و قد دللنا فيما تقدّم على أنّ الاضافة لا وجود
لها في الخارج.
أقول: صحّة الاتّصاف إضافة، و الاضافات عنده غير موجودة، و غير الموجود لا
يمكن حصوله في الأزل. فلا يلزم من صحّة اتّصافه بها حصولها في الأزل و لا في غير
الأزل بزعمه. و أيضا لو كانت صفة الاتّصاف موجودة لأمكن كونها حادثة فانّ
الاضافيات يجوز حدوثها و لم يقم حجّة على وجوب كونها أزليّة.
و قوله في الاعتراض «صحّة الاتّصاف غير صحّة وجود الصفة و لا يلزم من