أنّ جوابهم الّذي ألا ابوا به انتقال إلى دليل غيره، و هو أنّ
المرئيّ يرى حاصلا في الحيّز فليس بعرض، [فانّ الدليل الأوّل هو أنّ المرئى يرى
طويلا فليس بعرض] و بيانه صحيح. و ظاهر أنّ كلا الدليلين ضعيف.
قال:
مسألة الخلاء جائز خلافا لارسطاطاليس و اتباعه
الخلأ جائز عندنا و عند كثير من قدماء الفلاسفة، خلافا لارسطاطاليس
و أتباعه. و المراد من الخلأ كون الجسمين بحيث لا يتماسّان، و لا يكون بينهما ما
يماسّانه. لنا إذا رفعنا صفحة ملساء عن مثلها ارتفع جميع جوانبها دفعة واحدة و
إلّا وقع التفكّك فيها، و في أوّل زمان الارتفاع خلا وسطها، لأنّ حصول الجسم هناك
لا يكون بعد مروره بالطرف. فحال كونه في الطّرف لم يكن في الوسط، فيكون الوسط
خاليا. و لأنّ الجسم إذا انتقل من مكانه إلى مكان فالمكان المنتقل إليه إن كان
خاليا قبل ذلك فقد حصل الغرض و إن كان مملوّا فالذى كان فيه إن لم ينتقل عنه لزم
التداخل، و إن انتقل عنه فامّا أن ينتقل إلى مكان الجسم المنتقل إليه منه و يلزم
منه الدور، لأنّه يتوقّف حركة كلّ واحد منهما عن مكانه على حركة الآخر عن مكانه،
او إلى مكان آخر، و الكلام فيه كما في الأوّل.
فيلزم أنّ البقّة اذا تحرّكت أن تتدافع جملة كرة العالم، و هو باطل
قطعا. احتجّوا بأنّ الخلأ يحتمل التقدير فيكون مقدّرا. جوابه: لا نسلّم أنّه محتمل
للتقدير على التحقيق، بل على سبيل التقدير، كما أنّا نقول: «لوكان نصف قطر
العالم ضعف ما هو الآن لكان ذلك المحيط واقعا خارج العالم، لكن لمّا كان ذلك على
سبيل التقدير لم يلزم ثبوت مقدار خارج العالم»، كذا هاهنا.
أقول: إذا رفعت الصفحة الملساء عن مثلها رفعا مستويا من غير ميل إلى جانب
ارتفعت التحتانيّة معها. و ذلك ممّا يستعمله أهل الحيل في مقاصدهم.
ثمّ إذا مالت إلى جانب ارتفع البعض أكثر من البعض الآخر و دخل الهواء
في