فلوطرخس: «أنّ أبر أبرقليطس زعم أنّ الاشياء إنّما انتظمت ب «البخت»، و جوهر «البخت»
هو نطق عقليّ ينفذ في الجوهر الكلّى». و أما انكساغورس فقد نقل عنه: «أنّ مبدأ الموجودات جسم متشابه
الأجزاء و هي أجزاء لطيفة، لا يدركها الحسّ، و لا ينالها العقل. و هو أوّل من قال
بالكمون و الظهور، و لم ينقل القول بالخليط عنه، و أنباذقلس بعده أيضا قال بالكمون
و الظهور، مع قوله بالعناصر الأربعة».
فهذا ما أورده صاحب «الملل و النحل». و يدلّ على أنّ في بعض هذه النقول شكّا، و إسناده إلى «التوراة» فيه نظر. و قال المصنّف في
بعض مصنّفاته: «إنّ ديمقراطيس قال: « [إنّ البسائط الّتي يتألّف منا الأجسام
كريّة الشكل». و الشيخ ذكر في «الشفاء»
في الفنّ الثالث من الطبيعيّات: أنّهم قالوا: إنّها غير متخالفة إلّا
بالشكل، و إنّ جوهرها جوهر واحد بالطبع، و إنّما يصدر عنها أفعال مختلفة لأجل
الأشكال المختلفة. و ذكر: أنّ بعضهم جعل أشكال المجسمات الخمسة المذكورة في
مجسّمات اقليدس هى أشكال الفلك و العناصر. و بالجملة نقل عنهم اختلافات لا فائدة
في ذكرها.
قال: الفرقة الثانية الذين قالوا: ان أصل العالم ليس بجسم، و هم
فريقان:
الفرقة الاولى الحرنانية.
و هم الذين أثبتوا القدماء الخمسة: البارى، و النفس، و الهيولى، و
الدهر، و الخلأ. فقالوا: «البارى» تعالى تام العلم و الحكمة لا يعرض له سهو و لا غفلة، و يفيض عنه
العقل، كفيض النور عن القرص، و هو تعالى يعرف الأشياء معرفة تامّة. و أمّا «النفس» فانّه يفيض عنها
الحياة فيض النور عن القرص، لكنّها جاهلة لا تعلم الأشياء ما لم تمارسها. و كان
البارى تعالى عالما بأنّ النفس ستميل إلى التعلّق بالهيولى و تعشقها، و تطلب اللذة
الجسميّة، و تكره مفارقة مفارقة الأجسام، و تنسى نفسها. و لمّا كان من سوس[1]البارى تعالى الحكمة التامّة