مستقبلة، لأنّ الماضى هو الّذي كان موجودا في زمان حاضر، و
المستقبل هو الّذي يتوقّع صيرورته كذلك، و ما يمتنع حضوره لا يصير ماضيا و لا
مستقبلا. ثمّ ذلك الحاضر غير منقسم، و إلّا لكان بعض أجزائه قبل البعض، فعند حضور
أحد النصفين لا يكون النصف الآخر موجودا، فلا يكون الموجود موجودا. هذا خلف. فاذن
الجزء الحاضر من الحركة غير منقسم، و عند فنائه يحصل جزء آخر غير منقسم، فالحركة
مركّبة من أمور، كلّ واحد منها غير قابل للقسمة. ثمّ نقول: القدر المقطوع من
المسافة بكلّ واحد من تلك الأجزاء التى لا تتجزّى إن كان منقسما، كانت الحركة إلى
نصفه نصف تلك الحركة فتلك الحركة منقسمة. هذا خلف. و إن لم يكن منقسما فهو الجوهر
الفرد.
أقول: مخالفه يقول: الحركة لا وجود لها إلّا في الماضى او في المستقبل.
و أمّا الحال فهو نهاية الماضى و بداية المستقبل و ليس بزمان، و ما
ليس بزمان لا يكون فيه حركة، لأنّ كلّ حركة في زمان. و كذلك سائر الفصول المشتركة
للمقادير الآخر ليست بأجزاء لها، إذ لو كانت الفصول المشتركة أجزاء المقادير التى
هى فصولها لكانت القسمة إلى قسمين قسمة إلى ثلاثة أقسام، و القسمة إلى ثلاثة أقسام
قسمة الى خمسة أقسام، هذا خلف. فاذن، الحاضر ليس بحركة. و هو ادّعى أنّه هو الحركة
و بنى عليه بيانه. و المخالف لا يسلّم أنّ الماضى من الحركة كان موجودا في آن
حاضر، انّما يقول: هو الّذي كان بعضه بالقياس الى آن قبل الحال مستقبلا و بعضه
ماضيا و صار في الحال كلّه ماضيا، و هكذا في المستقبل. و في الآن الفاصل بين
الماضى و المستقبل لا يمكن أن يتحرك، فانّ الحركة انّما تقع في زمان. و ليس شيء
من الزمان بحاضر، لأنّه غير قارّ الذات.
قال: الثالثلو تركّب الجسم من أجزاء غير متناهية لامتنع الوصول من أوّله الى
آخره بالحركة الّا بعد الوصول الى نصفه، و لامتنع الوصول الى نصفه الّا بعد الوصول
الى ربعه فاذا كانت المفاصل غير متناهية وجب أن لا يصل المتحرك