فيكون كذلك في الثاني، إذ لو جاز أن ينقلب الممكن لذاته في زمان
ممتنعا في زمان آخر لجاز أن ينقلب الممتنع في زمان واجبا في زمان آخر. و على هذا
يجوز أن يكون العالم قبل وجوده ممتنع الوجود بعينه ثمّ انقلب واجبا بعينه. و على
هذا التقدير يلزم نفى الصانع سبحانه و تعالى.
أقول: أبو الحسين البصريّ يدّعى أنّ العلم ببقاء بعض الأعراض كالسواد و
البياض ضرورىّ، و قوله: «طريان الضدّ على المحلّ مشروط بعدم الضدّ الأوّل» دعوى مجرّدة لا يقبلها
القائل بأنّ الضدّ ينتفى عند طريان ضدّه، بل يقول: عدم الضدّ الأوّل معلّل بطريان
الضدّ على محلّه، و ترجيح أحد القولين على الآخر محتاج إلى دليل.
و قوله: «المعدم إن صدر عنه أمر فتأثيره في تحصيل أمر وجودىّ»، أيضا غير مسلّم عنده،
فانّه يقول: تأثيره أمر متجدّد، و ذلك الأمر ليس إيجاد معدوم بل هو إعدام موجود،
ما الدليل على أنّ الأوّل ممكن وحده دون الثاني؟ بل الممكن إذا حصل معه ترجيح أحد
الطرفين وجب حصول ذلك الطرف، وجودا كان او عدما، و إلّا لما كان الطرفان متساويى
النسبة إلى ماهيّته. و قوله: «شرطه الجوهر» محتاج إلى انحصار الشرائط فيه، فانّ الجوهر قابل للعرض فقط،
و ربّما يحتاج فاعله إلى وجود شرط آخر، فانّ الشمس فاعلة لإضاءة وجه الأرض.
و شرطه المحاذاة. فانّها إن زالت صار وجه الأرض غير مضىء، و إن كان
القابل و الفاعل موجودين، و باقى الكلام ظاهر.
قال:
مسألة العرض الواحد لا يحل في محلين بالاتفاق
اتّفقوا على أنّ العرض الواحد لا يحلّ في محلّين، إلّا أبا هاشم،
فانّه قال:
التأليف عرض واحد حالّ في محلّين. و وافقنا على أنّه يستحيل قيامه
بأكثر من