و منها المحسوسة باللمس،و هي الحرارة و البرودة،
و الرطوبة و اليبوسة، و الثقل و الخفّة، و الصلابة و اللين.
أقول: قد مرّ أنّ البياض يحصل من اختلاط الهواء بالأجسام الشفّافة كذلك
السواد أيضا يحصل من اندماج أجزاء الاجسام الكثيفة بعضها في بعض. و الدليل عليه
أنّ الزاج في غاية النفوذ لشدّته و العفص في غاية القبض و ليس أحدهما بأسود و إذا
امتزجا نفذ الزاج في المسامّ الصغيرة من العفص و قبضه العفص بقوّة فاندمج بعضها في
بعض و حدث السواد. و من تركيبات الألوان تحصل ألوان اخرى، كما من الصغرة و الزّرقة
تحصل الخضرة.
و قال الحكماء: الضدان هما البياض و السواد. و الاتّجاه من أحدهما إلى الآخر يكون
بطرق، كالغبرة و الزرقة، و الصّفرة و الحمرة، و أمثالها. و كيفيّات الأصوات ليست
هي الحروف وحدها، بل الثقل و الخفّة و الجهارة و الخفاءة من كيفيّاتها، و كذلك
كيفيّات اخر بها يميّز الانسان صوت شخص من صوت شخص آخر.
و أمّا الطعوم التسعة قالوا: تتولّد من تاثير
ثلاثة أشياء: هي الحرارة و البرودة و الكيفيّة المتوسطة بينهما في ثلاثة أشياء:
الكثافة و اللطافة و الحالة المتوسطة بينهما و الثلاثة في الثلاثة تسعة. و يرد
عليه أنّ العفوصة و القبض مختلفان بالشدّة و الضعف و لو صيّر الشدّة و الضعف موضوعيهما
نوعين لكان كلّ واحد من هذه الأنواع نوعين و الحقّ أنّ الطعوم فيها اختلافات
كثيرة، كما بين حلاوة العسل، و حلاوة السكّر و حلاوة الدبس، و حلاوة البطّيخ، و
غيرها. و المركّبات منها أيضا كثيرة لا حدّ لها.
و لم يذكر المحسوسة بالشمّ. و الّذين ذكروها قسموها
إلى الملائمة و غير الملائمة، و فيها اختلافات لا حدّ لها، كما في سائر المحسوسات.
و قوم عدوّا الخشونة و الملاسة في الملموسات، بدل الصلابة و اللين. و بالجملة
الكلام في هذا الموضع كثير لا يحتمله هذا الكتاب.